Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

مظاهر الفخر بالهوية وحمل العلم الوطني تنسي جراح أزمة الأسعار

بعث تأهل منتخب المغرب التاريخي لنصف نهائي مونديال قطر، متخطيا منتخبات أوروبية كبيرة، شعورا بالتفاؤل والفخر في نفوس المغاربة جعلهم ينسون وإن لفترة وجيزة ظروفهم الاقتصادية الصعبة، حيث اجمع المغاربة على ان هذا الإنجاز “أنسا أي شيء آخر … الغلاء وكل شيء، قائلين في تصريحات متفرقة، “نريدهم أن يسيروا إلى الأمام “، كما قال رجل خمسيني، متكئا على دراجته ثلاثية العجلات في سوق الصالحين بالمدينة المجاورة للعاصمة، باسما “سوف تتبدل الأمور إلى الأفضل، أنا متفائل”، يستطرد زميله التهامي (57 عاما) “الكرة أنستنا كل شيء … نتمنى أن يسير المنتخب إلى الأمام وبعدها يفعل الله خيرا”.
و يقاسي الرجلان مثل غيرهم من ذوي الدخل المحدود، جراء غلاء أسعار الوقود وبعض المواد الغذائية في الأشهر الماضية بسبب تضخم بلغ نحو 8,1 بالمئة، لكنهما اليوم في غاية السعادة، وخرجا للاحتفال بانتصارات المنتخب التي وحدت المغاربة على اختلاف مشاربهم، هذا فيما تسابق الأوفر حظا من الفئات الوسطى والعليا لشراء تذاكر الرحلات الخاصة التي أطلقتها الخطوط الجوية المغربية على أمل حضور نصف نهائي تاريخي ضد فرنسا الأربعاء، هو الأول لفريق إفريقي وعربي في تاريخ المونديال.
و منذ أسبوعين تشهد شوارع المدن المغربية احتفالات كثيفة عقب كل مباراة، جمعت مواطنين من مختلف الأعمار، وشارك في إحداها حتى الملك محمد السادس في مشهد نادر، عند مدخل سوق الصالحين الواقع وسط أحياء شعبية بمدينة سلا يقول أيوب (28 عاما) إنه ما زال م تعبا من احتفالات السبت. ويضيف “يا لها من فرحة أن نكون سببا في إسعاد العرب والأفارقة”.
و مثل الكثيرين زادت ثقته مع توالي الانتصارات وكبر طموحه “لم لا الفوز بالكأس!”، في بلد تحظى فيه الكرة بشعبية عارمة تجاوز صدى هذه “الملحمة” رقعة البساط الأخضر، في تعليقات تأمل تكرار الإنجاز في ميادين الإنماء الاقتصادي، أو في مقالات تشيد باستعادة المغاربة شعورا “باستعادة الافتخار بالذات”.
في سياق هذه المقارنات يأمل أيوب، الذي يعمل بائعا جائلا، تحقيق الإنجاز الرياضي نفسه على الصعيد الاقتصادي الذي شهد ركودا هذا العام، بسبب تداعيات جفاف أثر على القطاع الزراعي الأساسي في البلد، والحرب في أوكرانيا.
و رغم اختلاف قوانين الكرة والاقتصاد، رأت صحيفة “ليوكونوميست” أن “مسار المنتخب الوطني درس في الحياة، يتناقض مع الانهزامية التي تنهك جزءا من شبابنا”، ووجدت فيه مصدر إلهام وتحفيز للعمل، فيما تساءلت مجلة “ماروك إيبدو” في افتتاحيتها هذا الأسبوع “ألا يمكننا أن نحقق ما حققناه في الكرة في مجال التنمية البشرية؟”.
ويرى الصحافي والباحث في سوسيولوجيا الرياضة هشام رمرام “أن الانتماء للمنتصر يمنح الناس شعورا بالفخر، كل مغربي يرى نفسه في الركراكي أو بونو… ويتمنى المستوى نفسه من النجاح في كافة الميادين”، و بعيدا عن هذه المقارنات يقول منير (31 عاما)، الذي يعمل تاجرا للأثواب في سوق الصالحين، “هناك الكرة، وهناك السياسة.. نحن نتابع الكرة لأن أداء الفريق الوطني ممتع”، مؤكدا أنه سيحتفل حتى لو فشل أسود الأطلس في التأهل للنهائي.
و بدوره يرى رشيد صموكي، الذي يمارس رياضة ألعاب القوى، أن “المغاربة فرحوا لأنهم رأوا فريقا يقاتل من أجل العلم الوطني”، ويضيف – بينما كان مارا بمحاذاة السوق الذي أصلح مؤخرا وشيدت بجواره ملاعب رياضية لشباب الأحياء المجاورة – أن هذه الانتصارات تأتي “بعد إخفاقات كثيرة”، حيث غاب أسود الأطلس عن المونديال 20 عاما بين 1998 و2018.

و أكد الكاتب الطاهر بنجلون أنه خلال مباراة نصف النهائي أمام فرنسا، الأربعاء بالدوحة، سيكون الزمن والشعوب العربية والإفريقية مع منتخب المغرب، أول منتخب عربي وإفريقي يتأهل إلى نصف نهائي المونديال، وقال في مقال نشرته “لوموند”: “اليوم تغير شيء ما. الوقت معهم (أسود الأطلس). الشعوب العربية والإفريقية معهم. الصخب الشعبي يرافقهم ويحيي فيهم هذه الرغبة في الفوز”، كل شيء في الرمز، يضيف بنجلون، لأنه لأول مرة في تاريخ كرة القدم، يصل فريق إفريقي وعربي إلى نصف نهائي كأس العالم، مضيفا أن “مئات الملايين من الأنصار يواكبون هذا المنتخب، يحثونه على مواصلة الطريق إلى آخره، ولما لا الفوز بالكأس”.

وكتب الحائز على جائزة غونكور “الذهاب حتى النهاية. نعم، الجميع يؤمن به. سيكون أمرا جللا. من المحتمل أن تكون معجزة”، وقال إن فريقا مثل أسود الأطلس قادر على الذهاب بعيدا جدا، مضيفا أن المنتخب الوطني “مدفوع بإرادة شرسة للفوز، تصميم يجعله قويا ولا يهزم”، كما توقف الطاهر بن جلون عند أداء المدرب الوطني وليد الركراكي: “رجل متواضع يؤمن بالجهد والعمل الجيد. لا يعول على الحظ أو الصدفة”. فقط صرامة العمل والمثابرة هي التي تهمه وقد طبق هذه الوصفة مع أسود الأطلس، في انتظار مباراة “استثنائية” .
وخلص إلى أنه سواء فاز الديكة أو أسود الأطلس، سيكون هناك فرح وأمل (…)، كما يقول، مضيفا أنه “بغض النظر عن الفائز، سيكون احتفالا كبيرا ورائعا وسنواصل السير إلى الأمام ومتابعة كأس العالم، هذا الذي لا يشبه أي شيء عرفناه”.

Exit mobile version