Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

معالم في طريق تخليق المرفق الأمني

تخليق المرفق الأمني بالمغرب هي قصة تاريخ ليس بالهين، يمتد منذ السنوات الأولى لتولي جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة، حيث أخذ على عاتقه تقريب الإدارة من المواطن، وفي معناها ليس تقريب البنايات ولكن تقريب الخدمات، ولا يمكن تقريب الخدمات دون عنصر الشفافية في التدبير، وهي أساس تخليق المرفق العمومي، واعتبر جلالة الملك أن الأمن ينبغي أن يكون في خدمة الوطن والمواطن.

وقيّد الله لهذا المرفق رجلا ظهر عمله بعد أحداث 16 ماي الإرهابية، حيث تولى عبد اللطيف حموشي، قيادة المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، ومنح لعمليات محاربة الإرهاب أسلوبا جديدا، ظهرت نتائجه بشكل جلي، وطنيا ودوليا، وارتقى بالمغرب إلى مصاف الدول الشريكة في مكافحة الظاهرة الإرهابية، وتمكن المغرب من التفرد في هذا الميدان.

وفي ظرف سنوات محصورة زمنيا استطاعت بلادنا التغلب على الظاهرة الإرهابية بنسبة مهمة جدا مقارنة ببلدان العالم، بل ساهمت الأجهزة الأمنية المغربية في تجنيب عدد من الدول مخططات إرهابية خطيرة، وأساسا الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا، وهي كلها دول اعترفت بذلك. مما دعا مسؤولا في الاستخبارات الأمريكية إلى وصف عبد اللطيف حموشي بالرجل المحترف.

هذه الاحترافية هي التي نقلها حموشي إلى المديرية العامة للأمن الوطني، وكانت البداية العناية بالموارد البشرية، حيث تم تحسين وضعية رجل الشرطة، وانتهت معاناته السابقة، حيث أصبحت الترقيات تمر بشكل سلس، ودون تراكم كما كان يقع في وقت من الأوقات، كما تم ضبط التعويضات بشكل معياري تنعدم فيه المحسوبية والزبونية، وتحضر فيه الكفاءة المهنية والاستحقاق.

الاهتمام بالعنصر البشري كان مهما، بل كان حجة على رجال الأمن، الذين كانوا يشتكون من الوضعية المزرية، وبعد تحسن الوضعية الاجتماعية والمهنية لم يعد هناك مبرر لأي تخاذل في أداء الواجب المهني.

تحسين الوضعية كان مصحوبا بربط المسؤولية بالمحاسبة، بل ربط الشغل بالمحاسبة، وبتعبير مغربي بليغ “اللي فرّط يكرّط”. لكن دون ظلم للشرطي مهما كانت رتبته، حيث يتم التعامل مع الشكايات والوقائع ومراقبة الاختلالات وترتيب العقوبات والجزاءات، وكانت هذه هي أولى الخطوات في تخليق المرفق الشرطي.

التخليق ليس شعارات فارغة بل هو إطار عام ومشروع متكامل يجتمع فيه البشري بالتقني بالأخلاقي، والغرض هو خلق إدارة لا تظلم الناس ولا يُظلم أبناؤها، وهذه الموازنة كانت من أكبر التوجهات لدى حموشي، حيث يعاقب كل شرطي أو مسؤول أمني تأكد من مخالفته للقانون، لكن في الوقت ذاته كان ينتصف لكل واحد منهم تعرض للعسف من قبل مواطن يعتقد أنه نافذ.

ما جرى في المهدية بالقنيطرة من توقيف لأربعة مسؤولين أمنيين يتعلق بالمحاسبة المرتبطة بممارسة المسؤولية وكل تفريط في الواجبات تتبعه المحاسبة وترتيب الجزاءات اللازمة قصد سير طبيعي ومتوازن للمرفق الأمني، لأن العملية الأمنية كل لا يتجزأ.

Exit mobile version