Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

مغاربة العالم والسياحة الداخلية

Tourists visit the Hassan II Grand Mosque in Morocco's Casablanca on March 12, 2020. (Photo by FADEL SENNA / AFP) (Photo by FADEL SENNA/AFP via Getty Images)

محمد عفري
في خبر رسمي حديث، تأكد أن السياحة المغربية في أرقام الوافدين على الوطن، كما في عائداتهم السنوية، تعتمد على مغاربة الخارج. منتصف السنة الجارية، 2023، سجل توافد 7.3 مليون سائح على المغرب في ستة اشهر، 3.4 ملايين منهم من ابناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ما يعني أن مغاربة العالم يعتبرون سياحا إلى جانب السياح الأجانب من مختلفي الجنسيات، ولا يدخلون في خانة المؤثرين بالإيجاب على السياحة الوطنية عبر “السياحة الداخلية”، وفي ذلك اول تهميش لهذا الشق المهم من السياحة يزخر المغرب بالعديد من المؤهلات السياحية التي لا مثيل لها في المعمور، ومع ذلك ظلت الاستفادة منها لعدة عقود حكرا على السائح الأجنبي من كل الجنسيات..
مهما حاولت الحكومات المتعاقبة بمغرب ما بعد الاستقلال، جاهدة لتطوير السياحة الوطنية، وجعلها فعلا رافدا هاما للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بخلق فرص عمل لتشغيل اليد العاملة وانعكاسها على القطاعات المرتبطة بها وإنعاشها، ظل الشق المهم من هذه السياحة، الذي هو السياحة الداخلية، محط تغييب للعناية اللازمة ولأوراش الإصلاح الحقيقي، الذي يمكنه تطوير هاته السياحة وجعلها سوقا استهلاكية محلية لصالح المواطن المغربي.
ارتبطت عطلة الصيف لدى المغاربة في أعرافهم وثقافتهم، بسياحة الأسرة، حيث كان المواطن وحيدا أو رفقة أسرته يقضي عطلته، أو جزءا منها عند الأخ أو الأخت أو الخال أو العم أو الأجداد بشكل تناوبي وبطريقة معكوسة، كما كانت وجهة هذه العطلة في غالبها نحو البوادي حيث توجد عائلات واسر المصطافين وحيث تنشط “المواسم” التي أصبحت في ما بعد تسمى مهرجانات جهوية وإقليمية صيفية سنوية.
مع التطور النسبي لمستوى العيش وجودة الحياة لدى المغاربة، ومع التحول الذي أصبحت عليه غالبية الأسر المغربية، من أسر نووية إلى أسر صغيرة في عدد أفرادها، أصبح قضاء عطلة الصيف بـ” فكر” مغاير، مرتبطا، ليس بتعدد المؤهلات الطبيعية للمغرب ما بين شواطئ وجبال وصحراء وأودية، وإنما ببحث حثيث عن سياحة رفاهية أو شبه رفاهية في فنادق وقرى سياحية وشقق مفروشة، وعبر رحلات منظمة يشجع عليها جانب الترفيه ومتعة اكتشاف الثروة الطبيعة للمغرب. التطور الإلكتروني والرقمي واجتياح مواقع التواصل الاجتماعي كان له أيضا دوره الأساسي في الاغتناء عن سياحة الأسرة التي كانت تنشط في العطل الصيفية وغيرها من العطل تحت مسمى” صلة الرحم”.
هذا التحول والتطور النسبي لمستوى العيش وجودته لدى المغاربة، وتفتق وعيهم على السياحة الداخلية، لم يقابله للأسف تفكير جدي للحكومات المتعاقبة، ومنها الحكومة الحالية، في تطوير البنيات السياحية للمغرب، سواء البنية الفندقية أو المطعمية أوالسكنية المأجورة، وجعلها في متناول السائح المغربي من أجل استفادته الحقيقية من منتوج سياحي داخلي في المتناول، حيث أصبحنا أمام سوق اشتهرت بالمضاربة في الأسعار دون جودة الخدمات، وهي الجودة التي ينعم بها السائح الأجنبي و لا يلاقي منها السائح المغربي قيد أنملة.
حكومة أخنوش كسابقاتها من الحكومات المتعاقبة إن كان استغلالها للثروات الطبيعية المتنوعة بالمغرب لصالح السائح الأجنبي قبل المغربي، فإنها لم تستطع لحد الآن الاستغلال الفعلي والجدي، لأنواع السياحة التي يزخر بها المغرب، ومنها السياحة الدينية و السياحة الجبلية و السياحة القروية و السياحة الثقافية التي يتدخل فيها سياحة اكتشاف المآثر.
“مركزية” السياحة، عائق أخر تعاني منه السياحة الداخلية المغربية. فشمال المملكة يظل وجهة جذب سياحي مفضلة لجل المغاربة صيفا، لأن البنيات التحتية إلى جانب البنيات السياحية والفندقية التي تعد أوراشا ملكية بامتياز، تجعل المنطقة قبلة تتحرك فيها عجلة الاقتصاد والتنمية المختلفة بوثيرة فائقة، عكس باقي المناطق التي تزخر بالمؤهلات الطبيعية ولا ترقى غالبية البنيات السياحية فيها إلى نظيرتها بشمال المملكة.
من غير المنجزات الملكية، ماذا أعدت الحكومة للسياحة الداخلية.

Exit mobile version