Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

مقياس فشل الكرة المغربية

محمد عفري
حين تضع ميزانية الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في كفة ميزان المحاسبة مع كفة نتائج الكرة الوطنية، على الصعيد الإقليمي والقاري والدولي، تستنتج أن المغاربة يشترون بالضرائب العديدة والمتنوعة والمرتفعة، كل صنوف الفشل والإخفاق بالملايير، وأن هذه الجامعة التي يترأسها “حْساسْبي” مدقِّق في كل شيء، بصفته مديرًا للميزانية في وزارة الاقتصاد والمالية، اختصت في هدْر المال العام، دون نتيجة تُذكَر، واختصت في بيع الأوهام للمغاربة، توزعها، يمينا وشمالا، بالكلام المعسول المغلَّف بالآمال الخدّاعة، على الفضائيات والمنابر المحسوبة عليها وعلى ألْسِنة “مؤثِّري” التّفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي، أمّا على المستطيلات الخضراء فالخيبة هي أكبر العناوين.
لندقق في المنتخب الوطني الذي هو المرآة العاكسة لمدى نجاح الجامعة الملكية المغربية للكرة أو فشلها، خلال السنوات الأربع الأخيرة على الأقل.
فالميزانية السنوية لذات الجامعة في 2018 تعدت 120 مليارا، لأن السنة سنة مونديال روسيا، والمنتخب المغربي المشكل من لاعبين جاهزين من مدارس لكرة القدم بالقارة الأوروبية، تَطلَّب العديدَ من الأموال بسبب التربصات والاستعدادات على يد مدرب جد مكلف، وبجيش جرار من المساعدين والمحللين و”المؤثِّرات” و”المؤثّرين” من المرافقين، والنتيجة صغيرة جدّا، مقارنة بحجم المال المهدور، حيث كسَب، بالكاد، التأهل على حساب منتخب الكوت ديفوار الذي “شاخ” حينها أو “داخ”، بالانتصار عليه، في عقر الدار، وفي مباراة الدور الفاصل، ثم السفر إلى روسيا بالهالة والهيلمان.
الصدمة الكبرى كانت في الحصيلة، نقطة واحدة من ثلاث مباريات في الدور الأول من مباريات المونديال، بهزيمتين متتاليتين، الأولى ضد منتخب إيراني عنيد، استصغرناه، والثانية ضد برتغال “كريستيان رونالدو”، تهافت معظم لاعبينا ومرافقي البعثة على “التبناد” إلى جانبه من أجل صور للذّكرى، وتعادُل ضد إسبانيا جعل منه بعض من الجيش العرمرم من الصحافيين المسافرين إلى روسيا ملحمة تاريخية، تنساب من مصطلحات وصْفِها، روائح توابل ملْء البطون.
الميزانيات السنوية لجامعة الكرة، لسنوات 2019 و2020 و2021، لا تقل عن 90 مليار درهم للسنة الواحدة، وكوفيد 19 الذي أصبحت عدواه والإصابة به وتحاليله والوقاية منه، مشجبا لتعليق الخسائر المالية والخسائر التقنية على حد سواء، فضح المستور في هشاشة الأندية والفرق، قبل المنتخبات الوطنية العمرية في تراتبيتها إلى حدّ المنتخب الوطني الأول، وذلك رغم مساحيق التجميل التي ظلت تستهلكها الكرة الوطنية من أجل وجه وضّاء.
في 2019، كلنا نتذكر الهالة التي رافقت المنتخب الوطني بالمال والعتاد والبشر، إلى كأس إفريقيا في مصر، وكلنا نتذكر خروج ذات المنتخب رفقة ذات المدرب المكلف جدا من دور الربع على يد منتخب البنين.
نتبجح بالفوز بكأس إفريقيا للمحليين لمرتين، والحال أنها كأس، لم تَرْقَ ولن ترقى إلى الاعتراف بها من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم، بل الحال هو أننا رغم الأموال الباهظة والموارد البشرية والإعلام و”هياكل” التدبير والتسيير التي نتشدق بها، مازلنا عاجزين عن الفوز بكأس إفريقيا للأمم، معترف بها ويعود آخر لقب لنا فيها إلى 1976، حيث شارك فيها ستة منتخبات.
في 2021، رغم الأموال المرصودة بالقناطير المقنطرة، تضيق بنا السبل مرة أخرى، ونخرج من دور ربع كأس للعرب على يد منتخب، لا تخصص للكرة في بلاده، إلا ميزانية تصل بالكاد 20 مليار سنتيم.
في ميزان الفشل هذا، خلال السنوات الأربع الأخيرة، نسجل نقط ضوء صغيرة حققتها بعضُ الفرق لتعوض الخسائر الفادحة التي تكبدها المنتخب الوطني الأول. نذكر الوداد الذي فاز بكأس عصبة الأبطال الإفريقية سنة 2017، والرجاء البيضاوي، الذي استحق أن يكون برأي جلالة الملك قدوة باقي الفرق المغربية، بعدما حقق بمجهوداته المالية والبشرية الخاصة ثلاثة كؤوس إفريقية وكأس عربية، ويلعب نهائي السوبير، بعد غد الأربعاء، من أجل لقب إفريقي رابع (العاشر إجمالاً)، في زمن قياسي غير مسبوق، وفي ظروف مالية شاذة.

Exit mobile version