لكبير بلكريم
الاحتلال القانوني أو شغل الأملاك العامة يبقى من اختصاص الجماعات الترابية بمساعدة السلطات المحلية لكن الأمر تحول بيد منتخبين بالجماعات الترابية، كآلية لعقاب غير الموالين للمجالس المنتخبة التي تحمي بدورها أتباعها وتشجعهم على الترامي على الملك العام بالبناء فوقه بالإسمنت المسلح ولم تشفع دوريات وزارة الداخلية ولا حربها في تحرير الشوارع أمام المنتخبين في جل الأقاليم وعلى رأسها الدار البيضاء وضواحيها.
أينما وليت وجهك تجد نفسك ممنوعًا من حق استعمال الملك العام المشترك خصوصا مع فصل الصيف الذي يمنع فيه الراجلون من حق استعمال الرصيف ويضطرون للسير وسط الطرقات العمومية جنبا إلى جنب مع السيارات وما يصاحب ذلك من عرقلة السير وتعريض حياة الغير للخطر.
مقاهٍ ومحلات تجارية وأكشاك تطاولت فوق العادة على احتلال الملك العام بصفة غير قانونية أغلبها تحت حماية بعض المنتخبين، مقاهٍ أغلقت الشوارع وترامت على العلامات التشويرية وأعمدة الكهرباء ومنها ما تطاول حتى على الطريق العمومي واستغله بشكل يشوه صورة المدن والحواضر.
وتمادى المترامون على الملك العام والفضاءات المشتركة حتى بالحدائق العمومية مستغلين أغلب مساحاتها، والأخطر من ذلك أن موالين لمجالس منتخبة شيدوا منازل بالإسمنت المسلح ومستودعات سرية ومقاهي ومحلات تجارية فوق الأرصفة والأملاك الجماعية وأملاك الدولة والحدائق العمومية التي لم تعد عمومية.
فظاهرة احتلال الملك العمومي مازالت مستعصية على القضاء عليها في ظل تقاذف المسؤوليات بين السلطة المعينة والسلطة المنتخبة، ويبقى الضحية الراجلون والمحرومون من حق الانتفاع واستعمال الملك العام كمشترك.
ورغم أن متضررين تقدموا بشكايات أمام السلطات المحلية بالعديد من المناطق يشتكون فيها من ظاهرة احتلال الملك العمومي غيْر القانوني إلا أن شكاياتهم تعرف طريقها لسلة المهملات، وأحيانا تشن المجالس المنتخبة حملات انتقائية تستهدف غير أتباعها والموالين لها مستعينة بتحريكها للسلطة بأعوانها وعناصر قواتها المساعدة لهدم بناء قابل للزوال بصفة انتقائية مع حماية أتباع المنتخبين الذين يتطاولون ولا يزالون مستمرين في التطاول على الملك العام بالبناء فوقه بشكل يشوه الصورة المعمارية للمدينة.
ويتداول رواد ومستعملو تطبيقات التراسل الفوري صورًا جد مخجلة ومضحكة في الآن نفسه حول مظاهر الاحتلال الفاضح للملك العام وحرمان الراجلين من حق استعمال الأرصفة والفضاءات العامة، صورًا توحي لك أنك لا تتواجد داخل مدينة بل أسواق أسبوعية عشوائية، نساء وأطفال وشيوخ وعجزة يستعملون الطرقات العمومية والشوارع داخل المدن للتنقل والسير وسطها مزاحمين مستعملي الطريق من مركبات ودراجات نارية وسيارات.
وتبقى مدينة الدار البيضاء ونواحيها المنطقة التي تعيش ظاهرة الاحتلال والتطاول على الملك العام بالبناء فوقه بالإسمنت المسلح خارج القوانين والضوابط المؤطرة للعملية، وتطاول أصحاب مقاهٍ على الملك العام بتعليق تلفازات كبيرة الحجم فوق الأرصفة تمنع من المرور فوق الرصيف ومحلات تجارية استغلت أكثر من مساحة المحل بأضعاف مضاعفة بدون سلك المساطر القانونية المعمول بها، يقع هذا تحت حماية منتخبين يوظفون بعض رجال السلطة لاستهداف خصومهم لدرجة أن مزهريات وبعض طرق تزيين مداخل أبواب المنازل من أغراس وأشجار يتم اجتثاثها وإتلافها فقط لأن واضعها خصم للمنتخب الذي يستعين ببعض رجال السلطة منتشيا بانتقامه من خصمه. يحدث هذا بضواحي الدار البيضاء بشكل جد فاضح ومفضوح دون أن يندى له الجبين وتعطى تعليمات المنتخبين من أجل حماية أتباعهم والمنتخبين الموالين لهم الذين يفسح المجال لهم للاستغلال الفاضح والمشوه للملك العام خارج الضوابط لدرجة أن أصحاب مقاهٍ تمكنوا بالاستعانة بالمنتخبين من إزالة أعمدة كهربائية فوق الأرصفة ليتطاولوا على الملك العام ويحتلوا هذه الأرصفة.
ملك عمومي أم ملك عائم؟
