أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال كلمتها في افتتاح المنتدى العربي الإفريقي حول المقاولة وحقوق الإنسان، أن العلاقة بين الأعمال وحقوق الإنسان لم تعد مجرد نقاش أكاديمي أو مؤسساتي، بل تحولت إلى قضية استراتيجية وركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز الأمن الإنساني، داعية إلى تكامل أجندة التنمية المستدامة 2030 وأجندة الاتحاد الإفريقي 2063.
تحديات متراكمة وواقع مقلق
أشارت رئيسة المجلس إلى أن الذكرى الرابعة عشرة لاعتماد المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان تواكبها مؤشرات مقلقة على الصعيد الدولي، أبرزها:
-
التدهور البيئي المتسارع؛
-
تصاعد الهجرة القسرية والنزوح؛
-
اتساع الفجوة الاجتماعية؛
-
هشاشة الفئات الضعيفة، خاصة الأطفال، إذ تسجل إفريقيا أكثر من 72 مليون طفل في وضعية تشغيل.
كما نبهت إلى أن التشريعات الوطنية في العديد من البلدان الإفريقية والعربية لا تزال تفتقر إلى الملاءمة مع المعايير الدولية للعمل اللائق، داعية إلى تحديث القوانين بما يوازن بين مقتضيات الاستثمار وضمان الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للعاملين.
مقاربة حقوقية في المشاريع الكبرى
في ظل الدينامية الاقتصادية التي يعرفها المغرب، شددت رئيسة المجلس على ضرورة إدماج البعد الحقوقي في كل المشاريع الكبرى والبنيات التحتية وسلاسل التوريد، بما يضمن:
-
بيئة عمل تحترم الكرامة الإنسانية؛
-
خلوّها من كل أشكال التمييز؛
-
الالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية.
وأشارت إلى التحديات المرتبطة بتنزيل مبادئ العناية الواجبة في أنشطة المقاولات، مؤكدة أن نجاح ذلك يتطلب إشراك مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني في تقييم الأثر الحقوقي.
أولويات المجلس الوطني لحقوق الإنسان
استعرضت رئيسة المجلس أبرز محاور العمل الحقوقي ذات الصلة بالمقاولة، من بينها:
-
تضمين البعد الحقوقي في اتفاقيات الاستثمار الدولية؛
-
إدماج التغيرات المناخية ضمن السياسات الاقتصادية؛
-
إشراك الفئات الهشة في صناعة القرار التنموي؛
-
تسريع المصادقة على الاتفاقية الدولية بشأن الحق في التنمية؛
-
اعتماد مقاربة تشاركية في خطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان.
كما أبرزت مجموعة من المبادرات التي يشتغل عليها المجلس حاليًا، مثل:
-
تتبع الشكايات المرتبطة بتأثير الأنشطة الاقتصادية؛
-
تقديم ملاحظات إلى آليات الأمم المتحدة؛
-
إصدار تقارير حول أثر الذكاء الاصطناعي على المقاولة وحقوق الإنسان؛
-
ودعم الترشيح المغربي لاستضافة كأس العالم باعتماد رؤية حقوقية.
دعوة لنموذج تنموي إفريقي عربي جديد
اختتمت الكلمة بالتأكيد على أن منطقتي العالم العربي وإفريقيا تزخران بثروات طبيعية وطاقات بشرية واعدة، ما يستدعي صياغة نموذج تنموي محلي مسؤول، قائم على احترام حقوق الإنسان، وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة، وضمان مشاركة المجتمعات المحلية في تقييم الأثر الحقوقي للمشاريع.
وختمت رئيسة المجلس رسالتها بالقول:
“لا تنمية بدون كرامة، ولا استثمار مستدام بدون احترام حقوق الإنسان، ليس باعتباره وسيلة، بل باعتباره جوهر التنمية وثروتها التي لا تُقدّر بثمن.”