Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

من أجل دسترة البعد الإجتماعي وتسريع وتيرة الإنتقال الأمني

مصطفى المنوزي *
لاشك أن مهندسي نص خطاب عيد العرش وهم يستشرفون مستقبل المغرب بعد زهاء ربع قرن من الجلوس والحكم ، سيرتبون العبارات والرسائل حسب حاجيات ومقتضيات الظرفية والسياق كي يصيغوا خطاب يتجاوب مع المرحلة . وما يهم ، في سياق المساهمة التشاركية ، أن نبوح بما يؤرق مضاجعنا كحقوقيين ونحتاج إلى تفاعل مع مطالبنا والتي هي نفسها متناغمة مع إلتزامات الدولة المغربية في شخص ممثلها الدستوري ؛ ذلك أن قضايا الأمن والقضاء والبعد الإجتماعي في السياسة العامة وتبعا السياسات العمومية المنبثقة ، تحتاج إلى عناية خاصة وبما تستدعيه من تحيين على مستوى الأولويات الضرورية ، بمثابة رمي حجرة في المياه الراكدة . من هنا لا مناص من التأكيد على أنه حان الوقت لتنصيب المجلس الأعلى للأمن لكي تفعل الحكامة الأمنية ومعها دمقرطة صناعة القرار الأمني وترشيد عمليات الإستباق ومأسسة تشخيص وتقييم كل العمليات الأمنية ، في ظل تفاقم الخصاص الإجتماعي وتأطير ما قد يرافقه من احتقان أو إنفلات .حقا هناك إعلان نوايا عن ضمان الحق في الأمن ضد الحاجة والحق في الأمن ضد الخوف ، وما ترتضيه كل المجتمعات الحالمة بالإستقرار والطمأنينة تجاه التحديات والمخاطر المحذقة ؛ غير أن الطموحات والإنتظارات تتجاوز هذه المطالب الخاضع تنفيذها لمنطق التدرج والتردد وعدم الإستدامة ، في ظل تعثر التحول الديمقراطي وإعاقته عمدا ووعيا . ناهيك عن هيمنة اللحظات السيادية والوطنية على اللحظة الديمقراطية ، إرادة وتصورا وقرارا . ونظرا لارتباط الأمن بالقضاء وكذا بالطلب الإجتماعي ؛ فإننا نتوق إلى خلق بيئة تيسر مهمة إصلاح المؤسسات وإصلاح التشريع بتعديل الدستور في كل المقتضيات ذات الصلة ، وعلى الخصوص على مستوى إقرار ضمان الحقوق الإجتماعية والإقتصادية والثقافية ، فالفصل 31 من دستور 2011 لم يعد يضمنها كما كان عليه الفصل 13 من دستور 1996 ، فالإلتزام لدى الدولة بتحقيق نتيجة صار مجرد سعي إلى بذل عناية وتوفير وسيلة دون ترتيب أي جزاء على عدم الإلتزام ، في زمن صار المطلب كونيا بإدانة كل فقر وكل هشاشة في العلاقة مع الحق في التنمية وإقرار العدالة الإجتماعية ، بل إن بعض الديناميات الحقوقية الأممية تعتبره مساهمة ومشاركة في إقتراف جريمة التفقير . ولعل أهم إنتظار هو الإعلان عن تعديل هذا المقتضى الدستوري وإدراج العدالة الإجتماعية ليس فقط ضمن الإعتراف بإجتماعية الملكية بل بإدراجه ضمن المبادئ فوق الدستورية ، على أساس أن صون السيادة الوطنية من كرامة المواطنين والمواطنات . وعلى مستوى التشريع توجيه الحوار القانوني نحو إقرار فصل حقيقي للسلطات وإستقلال بعضها عن بعض ، لأن المبادرة التشريعية محتكرة من قبل السلطة التنفيذية ، وهو تقليد موروث ومستورد عبر قاعدة ” العقلنة البرلمانية ” المستوردة من الجمهورية الخامسة لفرنسا ، هذه القاعدة التي شوشت ولا زالت تشوش على الهندسة الدستورية الوطنية وما يستتبعها من وقع وتأثر بالإلتزامات المالية الدولية ؛ وكذلك على المستوى العملي في ضوء تغيير التحالفات والإصطفافات ، وبالتالي فإن من يتحكم في التشريع يتحكم في صناعة القرار المالي والأمني ، وبالأحرى يحدد ويقيد صلاحيات صانعي الحقيقة القضائية ، وما يترتب عن ذلك من هشاشة الرقابة القضائية على الفعل الإداري وسلوكات الدولة ومؤسساتها . فكيف نواجه التطبيع مع الفساد ونقوض مظاهر الإستبداد بمجرد إدعاء الحكامة دون تفعيل خطة عدم الإفلات من العقاب أوبمجرد إعلان نوايا عدم تكرار الماضي الذي لا يريد أن يمضي ، في ظل تصاعد حظوظ عودة زمن السكتة القلبية وفلولها ؟ وهل يتم التحضير لجيل جديد من الإصلاحات اقترانا مع جيل البدائل مبدع للأنفاس الحديثة ؟

*رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن

Exit mobile version