Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

من أجل فلسطين..

محمد عفري

على امتداد عقود ظلت فلسطين في أزمتها قضية مغربية بامتياز، تشغل بال المؤسسات الرسمية، وفي مقدمتها جلالة الملك، كما تشغل بال المواطنين المغاربة قاطبة.
يشهد التاريخ أن مغرب ما قبل الاستقلال ومغرب ما بعده، ظل، ملكا وشعبا ومؤسسات، على رأس المتضامنين العرب، مع فلسطين والقضية الفلسطينية، بل من أفضلهم. على الرغم من بعض “التجاذبات” التي كانت تركب عليها أنظمة بعض الدول العربية من حين لآخر، لتجعل من هذه القضية محط اختلاف وخلاف، ظل المغرب صامدا متمسكا بقضية العرب الأولى، واضعا الفلسطينيين في كفة واحدة مع إخوانهم المغاربة في أم قضاياهم المصيرية، مراهنا على السلم والحلول السلمية أكثر من أي حل آخر، في وقت تَواصَل التضامن مع الشعب الفلسطيني كالتزام مغربي لا محيد عنه.
رغم القضايا المغربية المصيرية، وفي مقدمتها القضية الوطنية الأولى المتعلقة بالصحراء المغربية، ظل المغرب يضع القضية الفلسطينية في مقدمة انشغالاته الجلى، الموزعة بين البناء والتشييد والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية التي فتح لها أوراشا كبرى جعلته في مصاف الدول الكبرى من حيث الديمقراطية واستتباب الأمن والاستقرار والتنمية المتنوعة.
كلما أنَّ فلسطينيٌ في أرضه تحت ضائقة التضييق أوالقمع أو التقتيل، كان الرد مغربيا سريعا على غير باقي الردود في العالم العربي وغير العربي، صارما حاسما بالقرارات الملكية الحكيمة وبالتحرك العفوي الجارف للشعب المغربي وللأحزاب والجمعيات وباقي المؤسسات، من طنجة إلى الكَركَرات، مسيرات احتجاج وتنديد ووقفات تضامن ومؤازرة، بشعار كل المغاربة فداك يا فلسطين ويا شعب فلسطين..
المحنة التي يمر منها الشعب الفلسطيني في هذه الأيام كانت مناسبة أخرى للتضامن المغربي الاستثنائي مع هذا الشعب في قضيته. ما المساعدات الغذائية الأساسية والأدوية الخاصة بالعلاجات الطارئة والأغطية، وغيرها الموجهة بتعليمات ملكية سامية إلى الشعب الفلسطيني، إلا دليل قاطع على أن القضية الفلسطينية تبقى على رأس اهتمامات المغرب، بل دليل على أن المغرب كان ولا يزال وسيظل شغله الشاغل هو الوقوف إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين في صمودهم من أجل نيل حقهم وبناء دولتهم المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967.
لا يختلف اثنان في أن هذه المساعدات الإنسانية العاجلة في ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني، هي تأكيد للوقوف الدائم للمغرب ملكا وشعبا من أجل دعم ونصرة القضية الفلسطينية، بل برهان على روابط الأخوة مع الشعب الفلسطيني ومبادئ التضامن الراسخ معه من أجل قضيته الأولى التي هي قضية كل المغاربة، إذ هي في الواقع امتداد للجهود الكبيرة التي يبذلها جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في الدفاع عن هذه القضية كلما سنحت لجلالته الفرصة في المحافل الدولية.
المغرب وهو يتضامن مع الفلسطينيين في قضيتهم عبر تاريخها، ظل يدين ويحتج ضد كل العنف الممارس ضد الشعب الفلسطيني. ومن احتجاجاته، إدانتُه الأخيرة بأشد العبارات أعمال العنف المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي قد يؤدي استمرارها إلى تعميق الهوة ومصادرة فرص السلام في المنطقة كلها.
الشعب المغربي كان له، كالمعتاد، نصيبه من الاحتجاج والتنديد بالعنف الممارس مؤخرا ضد الشعب الفلسطيني، مع ما رافقه من تقتيل للمدنيين والأطفال. المسيرات الشعبية الحاشدة التي تم تنظيمها السبت والأحد الأخيرين بالرباط والدار البيضاء بالخصوص، تبقى شاهدًا آخرَ على تشبُّث المغرب، ملكا وشعبا بتضامنه اللامشروط مع الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية إلى حين حل نهائي سلمي يضمن لهذا الشعب كافة الحقوق.

Exit mobile version