Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

من  برشيد… مدرعات مغربية ترى النور لأول مرة

لم تكن مدينة برشيد، الواقعة على تخوم الدار البيضاء، تتوقع أن تتحوّل فجأة إلى مسرح لمشروع دفاعي طموح يحمل توقيع واحدة من أضخم الشركات الصناعية في آسيا.

فخلف الكواليس، وفي هدوءٍ لافت، كانت الترتيبات تُنسج بعناية لإطلاق أول مصنع مغربي مخصص لصناعة المدرعات القتالية من طراز WhAP 8×8، في إطار شراكة جمعت بين إدارة الدفاع الوطني المغربية وشركة “تاتا أدفانسد سيستمز” الهندية.

 

المعلومة لم تخرج إلى العلن إلا مؤخرًا، حين تسرّبت أنباء عن اختيار إقليم برشيد موقعًا نهائيًا لهذا المشروع الحساس. مصادر كشفت أن الشركة تقدّمت رسميًا بطلب إلى السلطات المحلية، ليوقّع عامل الإقليم، جمال خلوق، في الرابع من يوليوز الجاري، على أمر فتح دراسة الأثر البيئي، والمقرّر إجراؤها بين 28 يوليوز و16 غشت المقبل.

 

هذه الخطوة، وإن بدت إدارية وتقنية، تُعدّ مؤشرا قويا على قرب انطلاق الورش الحقيقي، الذي لن يكون مجرد مصنع آخر يضاف إلى الخريطة الصناعية للمملكة. إنه إعلان ضمني عن دخول المغرب مرحلة جديدة، تبدأ من الأرض، لكنها تتطلع إلى ما هو أبعد من مجرد إنتاج آليات.

 

المصنع، الذي سيحمل اسم “تاتا للأنظمة المتقدمة – المغرب” (TASM)، وُضع له سقف طموح: إنتاج 100 مركبة قتالية سنويًا، بنسبة إدماج مبدئي تصل إلى 35%، مع توقّعات برفعها لاحقًا إلى 50%، وهو ما يعكس حرصًا واضحًا على بناء قاعدة صناعية محلية فعلية، وليس مجرد تركيب على الورق.

 

وفي وقت يُنتظر فيه أن تستغرق أشغال البناء والتجهيز قرابة 36 شهرًا، فإن المشروع يُرتقب أن يخلق دينامية اقتصادية محلية، من خلال 340 فرصة شغل مباشرة وغير مباشرة، وهو رقم قد لا يبدو ضخمًا في الوهلة الأولى، لكنه يحمل رمزية كبيرة في سياق إدماج الصناعات العسكرية ضمن النسيج الاقتصادي الوطني.

 

أكثر من مجرد مشروع صناعي، ما يحدث في برشيد يُشير إلى مسار طويل بدأه المغرب بثبات: الانتقال من التبعية في مجال التسلّح إلى الشراكة، ومن الشراكة إلى الإنتاج، ومنه ربما لاحقًا إلى التصدير.

 

ولأن الخطوة تأتي في زمن تتزايد فيه الرهانات الأمنية على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإنها تحمل في طياتها رسالة صامتة لكنها واضحة: المغرب بصدد كتابة فصل جديد من سيادته التكنولوجية والعسكرية.

 

Exit mobile version