Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

من وحي رمضان… الفلاسفة ينهلون من رحيقها ونحن تائهون

غريب أمرنا وعجيب فعلنا وصادم قولنا ومدان نكراننا و صعب جحودنا و بطيء عزمنا وسريع غضبنا و قوي صراعنا و مسموم حوارنا في هذه الأرض الطيبة، ما عادت الأيام تعالج طباعنا و ترمم مصائبنا و تزهر أزهار أقوالنا وطبيعة أخلاقنا و تغير بعضا من عاداتنا، فسرنا الى التعصب و التشنج و الغضب، و صارت الحياة فينا ثقلا و الأيام عبئا، وصرنا أجساد بلا قلوب تتحرك و عقولا بلا هدف تمشي حتى صرنا أناسا غرباء في وطن واحد ، هذا رمضان ألم يحيي فينا بعضا من شيمنا في التازر و الود و الرحمة و الحب، ألم يغير طباعنا الحادة مع الأيام ألم يرشدنا للإقبال الى الحياة بشغف و حب و فرح، لماذا أنستنا الأيام معنى الحياة و الصيام و القيام و القرآن في التآلف و التراحم، أهكذا نحن أم أن الايام غيرت طباعنا و سلخت جلنا عن لحمنا من قساوة العيش و درك الحياة…
رمضان أيام يرجع فيها الانسان الى ربه، تسلتهم القلوب محبة جديدة لتستمر في رحلة الحياة بالعطاء و تحيى بالعمل و المحبة، فغريب امرنا نرافق ايام رمضان و لا نرغف من رحيقها العذب و لا نشرب من ماء معانيها و لا نستلهم من صيمها الم الجياع و فقرب الفقراء و الغياب عن الشهوات و الملذات، و نستحضر عظمة الاله، ربما معاني استعصت علينا في هذ الزمان لكن زمن قبلنا كانت فيه العقول متيقظة و القلوب متوجهة، استهلمت الكثير و سجلت العديدة فها هو ماس كارلايل الفيلسوف البريطاني المعروف يقول في كتابه “الأبطال” في سياق حديثه عن نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – وتعالميه ” أي دليل أشهر ببراءة الإسلام من الميل إلى الملاذ من شهر رمضان تلجم فيه الشهوات، وتزجر النفس عن غاياتها، وتقرع عن مآربها؟ وهذا هو منتهى العقل والحزم، فإن مباشرة اللذات ليس بالمنكر، وإنما المنكر هو أن تذل النفس لجبار الشهوات، وتنقاد لحادى الأوطار والرغبات، ولعل أمجد الخصال وأشرف المكارم هو أن يكون للمرء من نفسه على نفسه سلطان، وأن يجعل من لذاته لا سلاسل وأغلال تعيبه وتعتاص عليه إذا هم أن يصدعها، بل حُلِيًّا وزخارفًا متى شاء فلا أهون عليه من خلعها، ولا أسهل من نزعها، وكذلك أمر رمضان سواء كان مقصودًا من محمد معينًا، أو كان وحي الغريزة وإلهامًا فطريًّا فهو والله نعم الأمر
و هاهو جوستاف لوبون المستشرق الفرنسي وعالم الاجتماع المعروف قال ” قد تجد بين المسلمين عددًا قليلًا من الزنادقة والأخلياء، ولكنَّك لن ترى مَن يجرؤ منهم على انتهاك حُرمة الإسلام في عدمِ الامتثال لتعاليمه الأساسيَّة كالصلاة في المساجد وصوم رمضان …..و توماس أرنولد المستشرق البريطاني في خلاصة وختام حديثه عن انتشار الإسلام في كافة أرجاء العالم ” إن معارف الإسلام التي عرفها الناس على هذا النحو قد تجذب أحيانًا فردًا يدخل في الإسلام، كان من الممكن أن ينصرف عنه لو أنه قدم إليه على صورة لا يرغب فيها، باعتبارها هبة حرة، ولا حاجة إلى القول بأن صيام شهر رمضان جزء من دليل ثابت يدحض النظرية القائلة بأن الإسلام نظام ديني يجذب الناس عن طريق مراودتهم في ملذاتهم الشخصية، وكما قيل كارلايل: “إن دينه ليس بالدين السهل: فإنه بما فيه من صوم قاس وطهارة وصيغ معقدة صارمة وصلوات خمس كل يوم وإمساك عن شرب الخمر، لم يفلح في أن يكون دينًا سهلا”، ولكن هؤلاء المسلمين يعنون بتلك الفرائض وغيرها من الشعائر الدينية، ولكن من غير أن يثقلوا بها كواهلهم أو تجعلهم مغمورين في الحياة” …..و جاك ريسلر المستشرق الفرنسي جاك ريسلر، يقول في كتابه “الحضارة العربية” والذي نال عليه جائزة الأكاديمية الفرنسية ” على امتداد شهر رمضان، من الشفق إلى الغسق، يتوجب على المؤمن الامتناع عن تناول أي مأكل ومشرب، يمكن اعتبار إماتة الجسد القاسية هذه فعل رحمة واسترحام، نوعًا من التكفير عن الأخطاء، وبالتالي فعلاً تَشَفُّعِيًّا يتقرب به الصائم من ربه، ولكنه يرمي أيضًا إلى توطيد الضبط الاجتماعي وجعل المؤمنين يشعرون بتماسكهم وتكافلهم”.

Exit mobile version