Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

مُحاكَمة افتراضية لِحكومة طالِعُها نَحس

محمد فارس
صاحَ صوتٌ جهوري: محكمة! وقف الجميع تحيةً للقضاة، كانت نوافذُ قاعة الجلسة مفتوحة، ومنها تنفُذ أصواتُ الشعب في الشارع وهي تردّد: [اِرْحل!] فأمر القاضي بإغلاقها..
القاضي: الكلمة الآن للادّعاء، فليتقدَّمْ بدفوعاته وليوجزْ في تدخّلاتِه قدْر الإمكان..
الادّعاء: السّادة القضاة المحترمين، السادة الحاضرين؛ إنّنا نناقش اليوم قضية فريدةً في نوعها، لكن مهمّة في موضوعها ما دامت تهمّ شعبًا بأسره، وأنتم تسمعونه الآن وتعرفون بما يطالب، وماذا يعاني من ظلم، وشططٍ، وجوْر من هذه الحكومة التي انقضّت على رقابنا، وهي حكومة التّجار، يقودُها واحدٌ من المليارديرات الكبار الذين همُّهم الربح، والكسب، والاستئثار، والأمّة تنحو نحو الدّمار الاقتصادي، وتسيرُ نحو عدَم الاستقرار، ورئيسُها هو المستفيد الأكبر من الفساد ومن ارتفاع الأسعار، وإلى حدّ الساعة يزداد الغضبُ والسّخط والاستنكار، فما أتتْ هذه الحكومةُ ولو بحلٍّ ناجعٍ لمشكل أو لملفٍّ من ملفّات مهمّة علاها الغُبار؛ فرئيسُها يتعامل تعامُلَ الباطرون وليس كرئيس حكومة له حكْمة، وخيال، وحسْن تدْبير واقتدار؛ نحن نعْرف أنّه خلال الحملة الانتخابية رفع أكثر من شعار، ولـمّا فاز تنكّر لوعوده وولّى الأدبار، فليُعْطنا بعضا ممّا حققتهُ حكومتُه في هذا المضمار، لكن كيف يقول وهو يسمع أصواتًا تندّد بالغلاء وبارتفاع الأسعار وبقرارات أخرى كان لها أشدّ الأضرار على شعبٍ أضْنتْه الوعودُ الزّائفةُ ويئِسَ بعْد طُول الانتظار؛ الشعبُ يرى أنّ هذه الحكومة طالعُها نَحْس، حيث صاحب تنصيبَها جفافٌ، وشحّ الأمطار، وكأنّها حكومة سلّطتْها علينا الأقدار.
القاضي: الكلمةُ الآن للحكومة! انتصب محامٍ قائلاً: أنا موكّل للدّفاع عنها سيدي القاضي.. سيّدي القاضي، السّادة المستشارين، السّادة الحاضرين: لقد سمعنا من الكلام المسجوع ما يذكّر بمقامات (بديع الزّمان الهمداني)، وقد صدق من قال: العربي لسانُه أذكى من عَقْلِه، فالحكومة تقوم بما استطاعت في ظروف قاهرة، وأحوال اقتصادية غيْر خافية على أحد، وقد رأيتُم كيف تصرّفت بحكمة خلال تفشّي وباء (كوڤيد ــ 19)، كما أنّ رئيس الحكومة يرجع له الفضل في عزْل حكومة [بنكيران] التي رفضها الشعبُ عندما كان السّيد [أخنوش] وزيرًا فيها، كما تمكّن من دَكِّ قلاع حكومة العدالة والتّنمية التي قادها [العثماني]، وهذه الحكومة أتتْ بها صناديق الاقتراع خلال انتخابات حرّة ونزيهة، والآن، وقد اشتدّت وطأة الجفاف، فقد خصّصت الحكومة (10) ملايير للتّخفيف من وطأتِه على الفلاحين، وهو أمرٌ لم تقُمْ به حكومة [بنكيران] التي عرفتْ فترتُها جفافًا مماثلاً، هذه الحكومة سيِّدي القاضي مشكّلَة من ثلاثة أحزاب، جادت بوزراء أكفاء، وبنواب لهم درايةٌ واقتدار، أقذىً بالعين أم بالعين عُوار! لماذا هذا السّخط وهذا الإنكار في حقّ الحكومة؟!
القاضي: الكلمةُ الآن للادعاء، فليتقدَّم مشكورا.. ثمّ مطْرقة: باط، باط، باط..
الادّعاء: يلتفت نحو دفاع الحكومة ويقول له: الكلام المسجوع خيْر من كلام مَن يسير بالأمّة نحو الجوع؛ أنتَ مجرّد [طبّال] رخيص لأسيادِكَ الذين دفعوا لكَ لتدافع عنهم بالبهتان!
القاضي بعد المطرقة: باط، باط، باط: نرجو من الادّعاء الكفّ عن هذا الكلام الجارح!
الادّعاء: سيّدي القاضي: إحداث [البلوكاج] أيام حكومة [بنكيران] لم يكُن مطلبًا شرعيًا، ولم يكُن ميزةً انفرد بها السّيد [أخنوش]، وإنّما كانت من قَبيل: الشّر بالشّر يهلَك.. أما قَول الدّفاع عن انتخابات نزيهة أتَتْ بهذه الحكومة، فهذه كذْبة مفضوحة، و[قفّةُ رمضان] دليلٌ على النّزاهة المكذوبة.. أمّا بخصوص (10) ملايير للتّخفيف من وطْأة الجفاف، فذلك قرارٌ ملكيٌ ولا حقّ للسّيد أخنوش أن يفْخَر به، أما مُكافحةُ وباء [كورونا] فذلك مصْدَرُ حكْمة جلالة الملك وهو الذي أقرّ مجّانية اللّقاح، فلو كان القرارُ بيد [أخنوش] لجعله تجارةً مربحةً تمامًا كما استفاد من أثمان المحروقات حتى تجاوزتْ أرباحُه (38) مليارًا، ونحن اليوم نسأل: ماذا فعل [أخنوش] وقد كان وزيرًا للفلاحة والصّيد البحري والغابات طيلة عشر سنوات؟ أيُّ [مغربٍ أخضَر] هذا الذي رأيناه غيْر خُضْرة ضيعاتِه، وأراضيه التي تنتج فلاحةَ التّصدير بدلاً من فلاحة شعْبية توفّر قوتًا للمواطنين؟ ماذا فعَل وزراء كانوا في حكومات سابقة فأثبتوا فشلهم، فأعادهم [أخنوش] إلى الوزارات، وإلى قبّتي البرلمان، وإلى مجالس الجهات، ممّا جعل الفسادَ مستشريًا في كلّ ربوع البلاد.. لماذا يصرّ السّيد [أخنوش] على عدم إعادة تشغيل [لاسمير]، وتعود إلى مِلكية الدولة؟ أليس هذا دليلاً على إبقاء الشعب تحت سيطرة لوبيّات المحروقات؟ لماذا فشِل الحوارُ الاجتماعي بسبب تَرؤُس [أخنوش] لهذا الحوار كباطرون، وليس كرئيس حكومة تهمُّه مصالح الشّعب واستقرار البلاد، والتّخفيف من حدّة الاحتقان الذي تعرفه البلادُ منذ انتصاب هذه الحكومة؟ لماذا سحبتْ هذه الحكومة ملفّ محاربة الفساد من البرلمان، ممّا يدلِّل على أنّها حكومةٌ فاسدة، ومن الفساد تحقّقُ مصالح الأثرياء واللّوبيات الجشعة..

Exit mobile version