Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

نحن وهم

إدريس عدار
هل فعلا الآخر هو الجحيم؟ في معنى من المعاني، ولكن قد يكون هو الجنة بالنسبة للكثير من الناس. وإذا كان هذا الآخر حكومة تقود شعبا آخر فإن كل هذا الشعب، الذي هم نحن، يريد أن يصبح ذلك الآخر.
إيطاليا بالنسبة لأوروبا دولة “على قد الحال” لا يمكن أن تضاهي فرنسا أو ألمانيا مثلا. هذه الدولة قررت الرفع من الضريبة على المحروقات بنسبة تصل إلى 25 في المائة وتوجيه عائداتها لدعم الفئات الهشة، وكم من فئة غير هشة في المغرب ستطلب “هشاشة الأإيطاليين”.
هذا المقترح تحدثت عنه أكثر من جهة في المغرب، وطلبت من الحكومة العمل به، غير أنها لا تسمع. لقد اقترح كثيرون توجيه جزء من عائدات الضرائب على المحروقات لدعم الفئات “الهشة”، و”هشاشتنا” مختلفة عن هشاشة الآخر الذي ليس جحيما. ويمكن العمل بهذا الأمر أو العمل بطرق مشابهة له.
في الدول الرأسمالية، التي تكون فيها للسوق وللسوق وحده، تتدخل الدولة في وقت الأزمة لتفرض بعض شروطها على “الرأسمال” وتتغول عليه أحيانا في إطار عملية تبادل للمواقع، ما دام الاثنان يخدمان بعضهما البعض، وتنفق الدولة على المواطنين حتى تخلق التوازن، و”الرأسمال” شعاره “اللي بغا يربح العام طويل”، أي بعد مرور الأزمة يعود لطبيعته.
لكن في الدول الهجينة ينبغي أن تكون الدولة هي السباقة إلى هذا الأمر. في بلد لا يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجر بضعة “يوروهات”، ينبغي أن يكون الدعم للفئات الأكثر هشاشة متواصلا، وعلى الدولة أن تتدخل كلما تعلق الأمر بـ”تحت عتبة الفقر” كي تحقق التوازن في المجتمع.
غير أن الأمر ذهب بشكل عكسي. لم يعد هناك أي تصنيف في المغرب. فما يسمى الحد الأدنى للأجر هو “حد أدنى” من تلطيخ كرامة الإنسان، لأنه نوع من الاستعباد ب”الأوراق”. راتب أو ما يسمى راتب لا يكفي لسد أي “ترعة” في حياة المواطن.
مر علينا رقم ولم نستوعب مدلولاته. هذا الرقم يقول إن ميزانية البلاد ضخ فيها “المهاجرون” 37 في المائة. وأغلبها مساعدات مقدمة للأقارب. بمعنى لم نعد قادرين على العيش دون مساعدة “مغاربة العالم”، الذين لا يصوتون ولا ينتخبون من يحدد يصوت على الميزانية.
هذا الرقم دليل واضح على اتساع دائرة الهشاشة وعلى أن قطرها تضخم ومستواها نزل درجات أخرى.
لنقم بعملية بسيطة. نوزع راتب عامل يحصل على الحد الأدنى المتدني من الأجر على حاجياته. لن تجد أحدا “يفك” هذه المعادلة الصعبة. كثير من الناس يستعينون بالأقارب أو الأولاد وبعض الناس يلجأ إلى حيل كثيرة تجسدها النكتة المغربية “قال ليه شحال كتربح، جابو 40 ألف، وبشحال كاري، جابو ب40 ألف، وهو يقول ليه شنو كتاكل، قال ليه: مول الحانوت”.

Exit mobile version