Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

نعم نحن مُضطربون عقليا!!

محمد عفري
على واجهة غلاف لزميلة إلكترونية؛ طلع علينا عنوان مثير للشفقة على مهنتين نبيلتين، أكثر إثارة من الشفقة علينا من واقع لهيب الارتفاع في الأسعار ولهيب متضمنات مشروع قانون مالية 2023، الذي مهما دخلت عليه من تعديلات طفيفة جدا؛ سيكون، في أقرب وقت، قانونا ملزما غير مسبوق، وأكثر قهرا للمواطن في مغرب ما بعد الاستقلال.
العنوان المثير؛ استنادا إلى دراسة، والعهدة على الزميلة الإلكترونية – الرقمية؛ ما لم تكن هناك مغالطة بتقنية “الفوطوشوب” أوغيرها؛ يقول: “المحاماة والصحافة مهن المضطربين عقليا”.
من جهتي، كواحد من مكونات الصحافة الوطنية؛ أشهد، معترفا، أن الاضطراب العام، وليس الجزئي ( العقلي)، الذي أخذ مني فعلا مأخذه لقرابة خمس وعشرين سنة من الاشتغال بهذه المهنة، هو الاضطراب نفسه الذي أخد من جل زملائي، حيث قضى منا من قضى، ويستمر الباقي ممن ينتظر منا دوره في الرحيل (تقاعدا أو وفاة)؛ في مواجهة صعاب كل الاضطرابات.
من منا نحن الصحافيين لا يعاني، في أقل الأحوال، من اضطراب شُح المعلومة في زمن “الحق في المعلومة” من دون وجود لهذا الحق، حتى لا يكون مضطربا.. ومن منا لا يعاني نهاية كل شهر،/ حتى لا يكون مضطربا أيضا، من تأخر الأجر، إلى حد المهانة أمام الالتزام الأسري والعائلي النوعي، إلى درجة انزلاق بعضنا إلى حضيض محظور الاقتراض والتسول وأشياء أخرى؛ ليس لأن هذا الأجر زهيد ومتطلبات العيش في زمن أخنوش هي الأغلى والأعلى؛ ولكن لأن هيمنة “تجمع المصالح الكبرى” على جل قطاعنا، بالغدق على من أراد، من أصحاب الولاء الأعمى من “باطرونا” الإعلام بالإشهارات والإعلانات، وإقفال “صنبور” هذا الغدق على من وقف عنيدا عاصيا؛ استعصم ضد دخول طابور تبعية “القطيع”، ليتم تجاوز كل ذلك إلى التحريض عليه..
نعم! أنا واحد من المضطربين في عهد أخنوش، و هو الذي لم ير مانعا أخلاقيا من أن ينعتنا ضمن باقي المواطنين، زميل له في الحزب، بـ “المداويخ” و ينعتنا آخر من نفس حزبه وهو رئيس للبرلمان بـ” المرضى”. أنا واحد من المضطربين في عهد من سبقوا أخنوش؛ لأن أخنوش وأسلافه سِيان؛ جبابرة في السياسة والمال والأعمال؛ أباحوا ترويضنا على أهوائهم وأهدافهم ومطامحهم ومصالحهم، ولم يستحيوا أن يقدمونا إلى الشعب في أقبح النعوت والأوصاف وجعلوا من كل صداح بالحقيقة، عدوا للوطن.
نحن مضطربون لأن غالبيتنا متعففون لا يتزلفون ومع ذلك أصبحنا في عهد أخنوشْ، بلسان واحد ولون واحد، إلى درجة وُضِعنا في سلة واحدة، وفي خانة تشابه “البقر علينا “..
نحن مضطربون؛ لأن غالبيتنا صدّاح بالحقيقة ولو كانت في وجه العُتاة الجبابرة، ويصح فينا أننا لا نخشى في الله لومة لائم.
..من هنا افتح قوسا؛ أنني واحد من المضطربين في خندق واحد مع المحامين الذين لم يسلموا من هذا التوصيف حسب الزميلة الإلكترونية، بمعنى أنني ضد قرار القانون المالي لسنة 2023 في فرض ضريبة على حقنا أجمعين في الولوج إلى العدالة، مشتكين أومشتكى بنا، مُدعين أو مدعى علينا.
أنا من المضطربين لأنني متأكد من ان حكومة أخنوش التي انتهت من تأجيج لهيب أسعار المحروقات والمواد الغذائية وغير الغذائية، تسللت إلى حقنا جميعا في العدالة، لتلزمنا بضرائب مسبقة أمام صندوق المحكمة، حيث جعلت من المحاكم، ومن حقنا في ولوجها، ومن حقنا في العدالة، مصادر مالية لإنقاذ أزماتها، بفرض ضريبة على كل ملف وطلب ومقال.
أنا من المضطربين لأنني أدرك أنني وباقي المواطنين المستهدفين من فرض هذه الضريبة، لأننا نحن من سيدفع، ونحن من سيتحمل وليس المحامي، لأن “دخولات” المحامي هي أتعاب يستخلصها من موكليه، أي منا نحن المواطنون المتقاضون، ولأن الضريبة على دخل المحامي ما هي في الأخير، إلا ارتفاع في الأتعاب التي سندفعها نحن المواطنون المتقاضون، لتضاف إلى ما سيثقل كاهلنا، باسم قانون مالية 2023 من أضعاف للضريبة على القيمة المضافة في نسبها الثلاث التي نؤديها على كل مُستهلكاتنا..

Exit mobile version