Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

نقابيو المحروقات يحتجون في الشارع

تستعد نقابة عمال “سامير”، المصفاة الوحيدة لتكرير البترول في المغرب، لتنظيم وقفة احتجاجية يوم الاثنين 26 ماي الجاري أمام المحكمة التجارية بالدار البيضاء. تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة تحركات احتجاجية متواصلة منذ سنوات، هدفها الضغط من أجل إعادة تشغيل المصفاة واسترجاع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للعمال والمتقاعدين، الذين يعيشون أوضاعًا مأساوية منذ الحكم بالتصفية القضائية سنة 2016.
و جاء في مطالب النقابة الإنقاذ الفوري للشركة واسترجاع الحقوق الضائعة، حيث يرى المكتب النقابي الموحد في شركة سامير أن استمرار تعطيل نشاط التكرير بالمصفاة يُعد جريمة اقتصادية، لا تقتصر أضرارها على العمال فقط، بل تطال الاقتصاد الوطني برمته، خاصة في ظل الاضطرابات الدولية المتزايدة التي تهز أسواق الطاقة.
ويشدد النقابيون على ضرورة استئناف نشاط التكرير فورًا للحفاظ على الأصول المادية والبشرية احترام الاتفاقيات الجماعية ومقتضيات قانون الشغل أداء المستحقات المالية المتراكمة للعمال والمتقاعدين إدانة ما وصفوه بـ”الموقف السلبي والمدمر” للحكومة، التي يتهمونها بتغليب منطق التفويت والخصخصة على حساب المصلحة الوطنية.
وتطالب النقابة الدولة بتحمل مسؤولياتها السياسية والاجتماعية، وفتح المجال أمام إمكانية استرجاع الدولة للمصفاة سواء عبر المقاصة مع الديون، أو عبر حلول اقتصادية تشاركية، تحفظ طابعها الاستراتيجي الحقوق المهدورة: أجور مجمدة واشتراكات ضائعة منذ التصفية القضائية، يعيش مئات العمال وضعًا هشًا، تتخلله انتهاكات صارخة للحقوق الأساسية أجور ناقصة أو منعدمة منذ سنوات غياب التغطية الصحية والاشتراكات في التقاعد تجميد الأجور لأكثر من 9 سنوات في ظل ارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة.
وتعتبر النقابة أن هذا الوضع غير إنساني، ويناقض بشكل مباشر المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب والمتعلقة بحقوق العمال والحق في الكرامة والعيش الكريم سوق المحروقات غياب التكرير يرفع التبعية ويغذي الغلاء في سياق متصل، يربط المتابعون بين تعطيل مصفاة سامير والاختلالات البنيوية التي يعرفها سوق المحروقات في المغرب. فمنذ توقف نشاط التكرير المحلي، أصبحت البلاد تعتمد كليًا على استيراد المحروقات المكررة، مما زاد من هشاشة الأمن الطاقي الوطني تقلب الأسعار تبعًا للأسواق الدولية تقليص هامش تدخل الدولة في تحديد الأسعار وحماية المستهلك.
وكان تقرير اللجنة الاستطلاعية البرلمانية حول المحروقات سنة 2018 قد أكد أن شركات التوزيع حققت أرباحًا ضخمة بعد تحرير الأسعار، في غياب آليات ضبط شفافة وفعالة. وازداد الوضع تعقيدًا مع غياب المنافسة الحقيقية، واستمرار ارتفاع أسعار البنزين والغازوال رغم انخفاض أثمان النفط عالميًا في فترات متعددة.
و تأسست شركة سامير سنة 1959، وكانت من أبرز أعمدة السيادة الطاقية في المغرب. وقد شكلت إلى غاية توقفها سنة 2015 أحد أبرز الفاعلين في الاقتصاد الوطني، حيث كانت توظف آلاف العمال بشكل مباشر وغير مباشر تساهم في توفير احتياطي استراتيجي من المحروقات و تدعم مجموعة من الصناعات الوطنية المرتبطة بالبترول غير أن تراكم الديون وسوء التسيير من طرف المالك السابق، إضافة إلى غياب رؤية استراتيجية من طرف الدولة، عجل بوضعها تحت التصفية القضائية، ما أدى إلى توقف كامل لنشاطها و المشهد اليوم في مفترق طرق بين التفويت أو الإحياء حيث تواجه شركة سامير اليوم ثلاثة سيناريوهات محتملة بالتفويت للخواص مع تخوفات من فقدان الدولة السيطرة على منشأة استراتيجية و الاقتناء من طرف الدولة: باعتباره خيارًا يعزز الأمن الطاقي ويضمن حقوق العمال و إنشاء شركة ذات اقتصاد مختلط: تجمع بين الدولة ومستثمرين خواص بشروط تضمن الشفافية والفعالية.
وفي ظل هذه الخيارات، يبدو أن الحسم لا يزال معلقًا، بينما تتفاقم معاناة العمال، وتتعمق أزمة سوق المحروقات التي تستنزف القدرة الشرائية للمواطنين و في لحظة تاريخية حاسمة، تشكل سامير اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة المغربية على التوفيق بين متطلبات السوق ومقتضيات العدالة الاجتماعية، وبين تشجيع الاستثمار وحماية السيادة الاقتصادية و الوقفة الاحتجاجية المقبلة قد لا تكون سوى بداية فصل جديد من النضال العمالي، في معركة عنوانها “إنقاذ سامير… إنقاذ السيادة”.

Exit mobile version