Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

هذا ما فعلته “ماما فرنسا” يا أخنوش

إذا كان ابن خلدون قد قال في ذاك الزمن “إن المغلوب مولع بتقليد الغالب في كل شيء”، فإن المغرب لم يعد مغلوبا وهو يساهم في استراتيجيات إقليمية ودولية، وله حضور قوي في مجالات وميادين كثيرة، وبالتالي فإن استمرار بعض النخب في تقليد “ماما فرنسا” يعتبر معيبا في حق المغرب، وبما أنهم متشبثون بذلك فإننا ندعوهم إلى تقليدها في أمور اتخذتها أخيرا، وعلى رأسها قرار وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي القاضي بمنح 100 أورو لكل مواطن فرنسي يقل دخله عن ألفي أورو، وهي أكثر من الحد الأدنى من الأجر البالغ 1600 أورو كتعويض عن ارتفاع ثمن المحروقات، مع العلم أنه تم اتخاذ قرار لتسقيف أسعارها لأن الوضع لم يعد يحتمل.
في المغرب وفي عز الجائحة ارتفعت أسعار المحروقات بشكل فجائي، والناس هنا لا يطلبون أي أورو، الله يكثر خير الحكومة وما عليها سوى أن تبقي الدراهم في خزينة الدولة، لكن بشرط الحفاظ على مستوى المعيشة الحالي، دون زيادات، حيث بدأ المؤشر في الارتفاع، ولم تراع الحكومة هذه الظروف القاسية الناتجة عن الجائحة، حيث فقد كثيرون وظائفهم ومناصبهم وازدادت تكلفة العيش.
لماذا لا تقلدون فرنسا لكن دون أن تعطوا للمغاربة شيئا سوى ما يقال في الدارجة “التيقار”، لأن جيوبهم لم تعد تحتمل إضافة جديدة حتى لو كانت بسيطة، فليس منطقيا أن تلجأ الحكومة لبسطاء الناس لملء الخزينة بينما الثروات الكبيرة لا يتم فرض أية ضريبة عليها.
في وقت قالت فيه فرنسا إنها ستقوم بتعويض فقرائها وهم أحسن حالا بكثير من فقرائنا، عن ارتفاع ثمن المحروقات، وهي تعويضات ستشمل حوالي 35 مليون مواطن فرنسي، تقوم الحكومة المغربية بانتزاع دراهم معدودة توجد في جيوب مواطنين لم يعودوا يدخرون شيئا وفق آخر تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، الذي وصل إلى خلاصة مفادها أن حوالي 85 في المائة من المغاربة لن يدخروا شيئا خلال السنة المقبلة.
هذه النخب الاقتصادية المنتمية إلى”تجمع المصالح الكبرى” الذي يسيطر على الحكومة تقلد فرنسا في مأكلها وملبسها، وفي لغتها ولم تعد لغتها تهم أحدًا من العالمين، ولا لغة علم، وفي سياستها وهي شبيهة بابن آوى في تبعيتها للقوى الكبرى، ولا اقتصادها أصبح مرتاحا كما كان بعد نضوب الموارد الطبيعية من إفريقيا.
فلماذا تقلدون “ماما فرنسا” في الأسوإ ولا تنقلون منها الأجود؟ لماذا تقلدونها في المتجاوز وترفضون السير حذوها في مثل هذه الأمور الاجتماعية؟
في الحملة الانتخابية رفع أخنوش شعارات شبيهة بما أقدمت عليه فرنسا، ومنها تعويضات لكبار السن والأرامل وغيرها، لكن بعد الانتخابات تبين أن المسكين الطاعن في السن سيصله حقه في القبر، وسيتم إقبار كل شيء وسيسكت الجميع مثلما سكت وهبي عن قصة 17 مليارًا مقابل المشاركة في الحكومة، لكن جيوب المواطنين لن تتحمل إلى ما لا نهاية.

Exit mobile version