Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

هذه أسباب توتر العلاقة بين الرباط وبرلين

أكد الدكتور أحمد درداري، رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات، أنه من الضروري تقديم قراءة في محطات تاريخية مهمة بهدف اتضاح أسباب توتر العلاقة بين الرباط وبرلين كما يلي :

أولًا : لابد من القول ان أول مؤتمر استعماري عقد ببرلين بين الدول الأوروبية المعنية بالاستعمار 1885، للتحكم في الدول الافريقية تحت مسمى تنظيم التجارة، في حوض الكونغو، ولاقرار حرية الملاحة في النيجر، ووضع مبادئ عامة لمنع اصطدام القوى الاستعمارية بعضها ببعض ولتسهيل عملية التقسيم والنهب لثروات القارة الأفريقية والسماح بوضع الدول الأوربية يدها على الأراضي غير التابعة لدولة أخرى غير الموقعة على الاتفاقية سواء أكانت مسكونة بالقبائل أو الأمم، أو لم يكن رؤساء القبائل يقدرون معنى المعاهدات التي وقعوها، ووضعت بلادهم تحت الحماية الاستعمارية على اعتبار أنهم لا وجود لهم في نظر القانون الدول.

هذا المؤتمر لم يكون فيه أي مندوب عن افريقيا ، وعليه ابقوا شؤون أفريقيا ومصيرها الغامض في يد الدول الأوروبية وكان تقسيم أفريقيا إلى وحدات هو الأساس الذي صارت تعرف به حدود الدول الحديثة، والتركيز فقط على سلامة الدول الأوروبية المستعمرة.

وخلص المؤتمر الى ان كل دولة أرسلت تجارتها وشركائها وجواسيسها ليجوبوا أفريقيا، وليحصلوا على توقيع، أو بصمة الزعماء أو الرؤساء الأفارقة. على معاهدات الحماية، خلال الخمسة عشر سنة التالية لعقد المؤتمر كانت أفريقيا قد تم تقسيمها بين الدول الأوروبية، وتم رسم الحدود بقرار استعماري.
وهو ما حقق هدفين رئيسييين:

أقر المؤتمر دولة حرة كبرى في قلب أفريقيا الاستوائية تكون من الناحية التجارية مفتوحة لكل الشعوب، بينما من الناحية السياسية بعيدة، عن المنافسات الدولية.

وضع المؤتمر اسس التنظيمات الاقتصادية المتعلقة بالمناطق الداخلية في القارة.

و عمل المؤتمر على تثبيت مبادئ الحرية والمنافسة بين الدول الأوروبية كما أتاح الفرصة لتقسيم القارة شمال وجنوب خط الاستواء بطريقة سليمة دون سفك الدماء ولا خلافات طاحنة كتلك التي صاحبت استعمار الأمريكتين فتقسيم أفريقيا تم بتخطيط سليم من وجهة النظر الأوروبية، وأصبحت في عام 1908 دولة الكونغو مستعمرة بلجيكية.

وعليه يمكن القول ان مؤتمر برلين هو المؤتمر الذي فصل الصحراء المغربية عن المغرب في مؤتمر برلين 1885.

ثانيا : بحكم ان تاريخ المغرب تم طمسه عمدًا من طرف الدول الأوربية بحكم القوة العسكرية التي فرضت الهيمنة بسهولة على الدول الافريقية، وان المغرب ظل متشبثا بتاريخه وأرضه وانتمائه الافريقي رغم المستوى العسكري الذي كان اقل من الدول الأوربية. وان موجة الاستعمار هي ضرب في صميم حقوق الشعوب و سمحت بنهب ثروات الدول المستضعفة.

لذا بقي المغرب يدافع عن وحدته الترابية وعن شؤون القارة الافريقية بديبلوماسية جادة ومرنة وهادفة انتزعت الاعتراف من اكبر دولة في العالم بمغربية الصحراء، وكان للتوجه الاقتصادي المغربي وقع على المستوى العالمي ومنها دخول المغرب النادي الأمريكي المنافس للاتحاد الأوربي وهو ما احرج الدول الاستعمارية المباشرة، وتم تحريك دولة ألمانيا بالوكالة انطلاقًا من مرجعية مؤتمر برلين.

ثالثًا: بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء والوقع الذي تركه على المستوى المغاربي والأثر المباشر الذي اوقعه على النظام العسكري الجزائري، ولكون المعادلة أصبحت تفوق الحسابات الكلاسيكية القائمة على خيار المواجهة المسلحة بين الجزائر والمغرب، ذهب الرئيس الجزائري الى ألمانيا بادعاء المرض لكن الحقيقة أظهرت ان الامر يتجاوز الادعاء الى تحريك ألمانيا من اجل التدخل والتحفظ على قرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، والتقدم بطلب عقد اجتماع سري بمجلس الأمن لإعادة النظر في القرار الأمريكي ودفع الرئيس الجديد جو بايدن الى التراجع عنه.

رابعًا : بعد انسحاب إنجلترا العدو التاريخي لالمانيا من بريكسيت وظهور اتفاقيات تعاون اقتصادي وعسكري بين أعضاء النادي الأمريكي مع المغرب عن طريق بوابة الصحراء المغربية أحدث ارتباكا لدى الدول الأوربية وتم إسناد دور التسويق لدولة ألمانيا حتى لا تجد ما تخسره فعليًا في افريقيا ومع المغرب بصفة خاصة وان المغامرة بالعلاقة الديبلوماسية مع المغرب لا يكلفها الكثير واللجوء الى ديبلوماسية نازية ناعمة سوف تكون مربحة اذا أكثر ما لم تنتبه الى ما وقع لها ماليا إبان الحرب العالمية الثانية.

خامسا : ان المغرب حصل على دعم دولي واسع وتأبيد 163 دولة لمشروع الحكم الذاتي الذي يعني وجود واقرار سيادة المغرب على صحرائه، وأن منطق الديمقراطية الذي يدرس في الجامعة الأوربية يقوم على ضرورة احترام قرار الأغلبية في حين يلاحظ تصدير قرارات لدول الجنوب دون احترام لهذه القاعدة حيث يطلب منا احترامها من جانب واحد تحت مسميات حقوق الإنسان والشرعية والقانون.

سادسا : ان مراهنة ألمانيا على المكافأة بنهب ثروات الشعب الجزائري بوعد عسكري جزائري امر خاطئ وفيه مجازفة لان التاريخ مشترك بين الشعبين المغربي والجزائري أكثر مما يجمع احدهما مع ألمانيا، وان نزاع الصحراء سوف يتهم فيه أصحابه الحقيقيين الذين حضروا في مؤتمر برلين لاسيما بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ودخول المغرب النادي الأمريكي وتغيير نظام الأحلاف بعد مرور قرن على الحرب العالمية الاولى وإعادة النظر في وسائل الحرب وتغيير موازين القوة على المستوى العالمي والقاري، ولتذكير ألمانيا فان اليهود المغاربة الذين طلب هتلر من السلطان محمد الخامس تسليمهم من اجل إحراقهم منهم من ما يزال على قيد الحياة .

وعليه ووعيا من المملكة المغربية بما تحاول ألمانيا ان تثيره من فضول متعلق بالمساس بالوحدة الترابية للبلاد قررت تعليق العلاقة الديبلوماسية معها حتى تتفطن لليقظة والمواقف الثابتة للمغرب تجاه حقوقه ومنع كل تطاول على سيادته .

أحمد درداري

Exit mobile version