Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

هل الانتخابات موسم للتمرد على الدولة و تبخيس المكتسبات؟

أحمد درداري

تبدو الانتخابات عند البعض مناسبة للتمرد وكأن ديمقراطيتنا هي ديمقراطية مقايضة المكاسب بالتمرد وديمقراطية إفراغ المكبوتات السياسية بدلًا من التعقل واستغلال الاستقرار للتنمية والتناوب على السلطة بمنطق التنافس.

ان المشاكل ليست من صنع غيبي بل من ورائها جميع المكونات المجتمعية بما فيها الهيئات التي تتحايل الفرص لتظهر في الموسم الانتخابي حيث تعتبر انتهاء عهدة الولاية التشريعية مناسبة لقياس قوة تأثير التمرد وما قد يحققه من مكتسبات في موسم الانتخابات الذي يبدأ بتعبئة طالبي الحاجات رغم قدمها أو انها من صنع نفس التنظيمات القانونية وغير القانونية سياسية كانت أو موازية .

إن ملف المتعاقدين الذي كان من ورائه نفس الحكومة يخرج اليوم البعض من المحسوبين على الأحزاب الممثلة فيها ويعبرون عن رفضهم للتعاقد وأن نفس الحكومة كانت تنبذ العنف واذا بها تعنف بنفس الطريقة التي عنفت بها قبل الوصول الى السلطة.

من غير المنطقي ان  يكون العمل المقبول  بالأمس باسم الحكومة مرفوض في الموسم الانتخابي من قبل نفس الأحزاب المشكلة لها . والواقع  يدل على أن المشاركة في السلطة تعتمد على وسائل تقليدية كاتهام الدولة بالفساد وحشد التأييد العددي والنوعي السياسي رغم المشاركة فيه للتمرد الموسمي عليها، وكأن الفساد يحجب المكتسبات والإصلاحات ويعيد الدولة الى نقطة الصفر، في حين ليس هناك فصل بين الأدوار الحقيقية للأحزاب مثل وضع برامج تتحمل  مسؤوليتها  عن تطبيق جزء منها عند وصولها الى السلطة من جهة ، والتناقض بين حالة وجود الأحزاب في الحكومة ومواقفها لما تكون خارج الحكومة.

ان الظرفية الحالية وما تتطلبه من تعاون وتظافر الجهود لمواجهة التحديات والأزمات لا ينبغي ان تقابل بالانفصام السياسي الذي يجمع بين المساهمة في الفساد والضغط لمحاربته، بل ان الموسم الانتخابات يستغل كفرصة للترحال السياسي والتمرد الداخلي غير المبرر الا بما يعرض على السياسيين من مكاسب واغراءات.

كما أن تهييج وتطعيم التمرد بما لا يتناسب مع حجم الإمكانيات الموجودة والدعوة الى الركوب على الأزمة وتبخيص المكتسبات وكأن الوطن هو للبعض وليس للجميع يطرح سؤال من المستفيد من الأزمة ومن المستفيد من المكتسبات وهل يصعب الانتقاد مع مراعاة ما تحقق من منجزات؟.

فإذا أقدمت السلطات المعنية بالتربية والتعليم مثلًا على اتخاذ مجموعة من الإجراءات من قبيل اقتطاع بسبب الإضراب غير المبرر بالنسبة لرجال التعليم الموظفين والذين تعاطفوا مع المتعاقدين، أو محاسبة المتعاقدين المضربين هل ستقوم الجهات الداعية للإضراب بمنع تطبيق القانون ؟

ان حرمان التلاميذ في المدارس العمومية من الدراسة هو في حد ذاته دعوة لخوصصة التعليم لان الإضراب في بعض الدول مثل اليابان يتم بطرق جد حضارية ذلك ان المضربين في شركة طويوطا مثلا يتمثل في الزيادة في الإنتاج وليس ايقافه، وعقوبة مدير الشركة او المؤسسة هو تسويق المنتوج الزائد وفي ذلك مجهود مضاعف اذا أراد ان يتجنب افلاس الشركة، بينما الإضراب في دول العرقلة والخسران هو التلذذ بإلحاق أضرار عامة تشفي غليل المضرب والمتمرد وكأن الإضراب هو انتقام وليس تعبير حضاري عن وجود عيب في مجال معين يجب إصلاحه.

ومن جهة اخرى فان تحريك الشارع في ظروف الجائحة والأزمة الاقتصادية هو  مجازفة وخطأ جسيم، لأن الدول تراعي السلامة الوطنية والسلم الاجتماعي والصحة العامة واعتماد التقشف الى حين تخطي أزمة الجائحة بينما في بلادنا فالحرية ليست على مقاس هذا المنطق وكأن في المغرب لكل دولته خاصة به فيه، في حين ان الظرفية تقتضي تأجيل الانتخابات وتعديل الحكومة الحالية بجعلها وحدة وطنية  الى حين  تجاوز  الجائحة ذلك ان الضمانات الصحية والاجتماعية الأمنية ضعيفة، وان تحويل ميزانية الانتخابات الى المواطنين في وضعية هشاشة  تكون انفع من صرفها على انتخابات العزوف السياسي والمفرزة  لنتائج لا تأتي بجديد يذكر ما لم تتغير النخب الحزبية وطنيًا ومحليًا.

ان التعليم العمومي بالوضعية التي يوجد عليها يتطلب الإصلاح و إخراجه من الأزمة التي يتحمل مسؤوليتها الجميع، ذلك أن الأحزاب التي ترشح الأميين  وتطلب أصوات الفقراء هي التي  تضرب في التعليم لأنها لا تحتاج كثيرا منتوجه في الممارسة السياسية، والإصلاح مسؤولية الدولة وما  يصنعه الاستاذ المستنير ، ويجب ان يخرج من دائرة التسييس ويمنح للسيادة، ذلك أن هدر الزمن التربوي في مقابل استمرار القطاع الخاص هو هدر للزمن التنموي وسيقود البلاد  الى التراجع، فهناك أخطاء مشتركة واختيارات غير موفقة وأضرار يمكن ان تعيد إلينا المقاربة التشاركية للإصلاح وتخطي استمرار صناعة الصراع الذي يخلف ضحايا، واذا كانت الانتخابات في موعدها كمرحلة للاستشارة وتقييم اداء  الأحزاب في ظل جائحة كورونا  ممكن الا تعطي الشرعية والثقة والتغيير .

كما ان التمييز بين ظروف عمل يطبق فيها قانون الشغل وظروف عمل يطبق فيها قانون الوظيفة العمومية اصبح ضروريا لان إطار الأجير  القانوني يختلف عن الوظيفة العمومية، وذلك بمعيار القضاء الاداري والقضاء العادي، بالإضافة الى ضرورة هيكلة القطاع الخاص وتقريبه من نفس وضعية القطاع العام حتى يصبح الفرق بينهما ليس كبيرا اذا كان لابد من وجود القطاع الخاص فعليه ان يراعي شروط العمل التي تضمن الحقوق مثل أوربا.

Exit mobile version