الملك دستوريا هو رئيس الدولة، والملكية هي التجسيد العملي لوحدة المغاربة، أي تحت لوائها تندرج كل الاختلافات اللغوية والعرقية والمناطقية وحتى العقائدية، والملك هو الضامن لتطبيق القوانين وإنفاذها، كما يترأس مجلس الوزراء بمعنى تنفيذيا هو رئيس لكل أعضاء الحكومة بمن فيهم رئيسها، وهم جهاز تنفيذي حتى لا نقول موظفين لدى الدولة، وبالتالي هو يراقب، من موقع الإشراف، كل المشاريع الكبرى التي تقوم الحكومة على تنفيذها وبتدخل عندما تقع اختلالات وانزلاقات.
ولا معنى أن يأتي أحد للقول إن الملك راض عن عملنا، هناك رواية عن المرحوم علي يعتة، الأمين العام الأسبق لحزب التقدم والاشتراكية، وكان رحمه الله صحفيا يدير صحف الحزب ومجلاته بنفسه، وذات اجتماع لهيئة التحرير مع مراسلي البيان، وضع أمامه مقالا يمدح باشا لأنه قام بعمل جيد، فتوجه للمراسل قائلا: الباشا إلى دارها مزيانة فهي خدمتو اللي كان خاصو يديرها، وإلا دارها خايبة دورنا في فضحه.
فالملك من موقعه كرئيس للدولة يتدخل لما يرى هناك اختلالات في التسيير والتدبير والتنفيذ الحكومي، والرضى والغضب هو عن العمل العام، لا عن جهة أو وزير، ولما يتم التعبير عن ذلك فهو موجه للعمل العام، فعندما تتم معاقبة وزير فالرسالة أيضا موجهة لرئيس الحكومة، منسق عمل الوزراء، الذي كان عليه أن يحرص على السير الجيد للعمل، وكنموذج على ذلك ما وقع بالحسيمة، حيث قرر جلالة الملك إعفاء بعض الوزراء وحرمانهم أبديا من تولي أي منصب سامٍ.
ما حدث هو أن وزراء معينين فرّطوا في مسؤولياتهم المنوطة بهم في مشروع استراتيجي تم توقيعه أمام جلالة الملك، وكانت المعاقبة من جنيس الفعل، بعد أن تم تعيين لجنة للتحقيق في الموضوع، وبالتالي فجلالة الملك يتدخل عندما يتعلق الأمر بالإخلال بالواجبات، أما لما تكون الأمور تسير بشكل طبيعي، فلا يتدخل أحد، لأن الأصل في الأمر أن تسير الأمور بشكل طبيعي، وهذا الوزير الذي يتقاضى أجرا سمينا وتعويضات أسمن ما دوره إن لم يقم بواجبه؟ القيام بالواجب لا يستحق التنويه ولا الرضى ولكن التكليف تتبعه المحاسبة.
وزير أعجوبة كما سمى نفسه، محمد أمكراز وهو مسؤول بحزب العدالة والتنمية، ما زالت تتبعه فضيحة عدم أداء واجبات الضمان الاجتماعي لفائدة مستخدميه، قال في تجمع حزبي بالدائرة التي يسعى للترشح فيها في الانتخابات المقبلة، “إن جلالة الملك راض عن حزب العدالة والتنمية، ولهذا فهو قد قام بتدشين كثير من المشاريع الكبرى أثناء قيادتهم للحكومة”. هذه مغالطة كبيرة لأن الملك بصفته رئيس الدولة يقوم بالإشراف على المشاريع الكبرى التي تنفذها الحكومة بغض النظر عن الحزب الذي يقودها أو يشارك فيها، باعتبار أن الدستور واضح في تحديد الاختصاصات والصلاحيات، وكل واحد يشتغل في سياق صلاحياته الموكولة له.
هل الملك راض عن العدالة والتنمية؟
