Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

هل بهذه السّياسة ستَدعمون الجبهة الدّاخلية وتحافِظون على استقرار البلاد؟!

محمد فارس
ما زلتُ أذْكُر يوم خرجَ عليْنا عبْر الشّاشة، رئيس الحكومة السيد [أخنوش] بوجهٍ متجهِّم وهو يقول إنّ هدفَه الآن هو الجرعةُ الثّالثة من اللِّقاح المضاد لوباء [كوڤيد ــ 19]، وظهَر من خلال هذا التّصريح الصّريح وكأنّه يخاف على صحّة المواطنين، وتبيّن لي بعد تفكير عميق بأنّ [أخنوش] يمارس فقط قوّتَه على الـمُواطن المقهور، وأنّه لا تهمُّه في الواقع لا صِحّة، ولا حياة الـمُواطنين؛ إذ كيف يخاف على المواطن من وباء [كوڤيد ــ 19] ولا يخاف عليه من الجوع، والفقر، والذل، والمهانة التي يعانيها الشعبُ وتزداد حدّتُها يومًا بعد يوم؟ فوباء [كوڤيد ــ 19] يُسْدي خدمةً للتُّعساء، والمقهورين، والمرضى، والعاطلين، وينقلهم من دار الشّقاء إلى دار البقاء، وبالنسبة إلى هؤلاء التعساء، والمرضى، والفقراء، فوباءُ [كوڤيد ــ 19] أرْحم من [أخنوش] وحكومتِه وطوبى لمن أَنقذَهم [كوڤيد] من حياة الذُّل والهوان..
فما قولُ [أخنوش] في الصّحراويين الذين خرجوا أمام الكاميرات العالمية وهم يرفعون رسومات أرضهِم التي ستصادَر منهم، مع العلم أنّنا نكافح من أجل قضية وحدتِنا الترابية، وخصومنا يستغلّون هذه المشاهد ويَعملون على نشرِها عبْر العالم للنّيل منّا؛ فما قوْلُ [أخنوش] في هذا الشّأن ممّا يجعل وطنيتَه وطنيةً زائفةً.. ما قولهُ في سكّان [أولاد العيّاشي] الذين أُخرِجوا من بيوتهِم ظُلمًا وجوْرًا، فما سمعنا وزيرًا تحرّك، ولا حزبًا أدان، ولا برلمانًا اجتمع، ولا منظّمة استنكرت، ولا جمعية من جمعيات حقوق الإنسان عبّرتْ عن سخطِها ورفضِها والأمرُ يتعلّقُ بحقوق المواطنين وقد ولجوا الآن طريقَ النّزوح والتّشرّد، ولكنْ أين هم [الطّبالة]، لماذا صَمتوا؟ خرج أحدُ الطّبالين الحَرْبائيين ليتباكى على حال سكّان [أولاد العياشي] المنكوبين، فقال إن منطقة الغرب لم تَشهَد لهذا الظّلم مثيلاً في تاريخها، ونحن نقول له كذبْتَ يا هذا، ففي أواسط الستينيات، تفجَّرت مأساة ما سُمِّيَ بقضية [النّجاعي] الذي أراد الاستيلاء على أراضي النّاس في [سوق الثّلاثاء]، فكانت هناك مجزرة وقتلى بيْن الغَرباويين والقُوات المساعِدة، وكانت تلكم نهاية صوْلة [النّجاعي]، وبقيت الأرضُ في مِلكية أصحابها صانُوها بدمائهم..
في سنة (1936)، أرادتِ النّازيةُ في [ألمانيا] توسيع المستشارية، وكان لابدّ من تدمير (600) منزل، فاستدعى [هتلر] مهندسَه الشّهير [ألبير شبير]، وكان هذا الأخيرُ رجلا عبقريًا، كان مهندسا معماريًا، و[ingénieur]، وكذلك [organisateur]، فأمره [هتلر] بأنْ لا يهدم بيوتات الناس، إلاّ بعد ما يبني لهم منازلَ جديدة تأويهم، فنفّذ [شبير] الأمر دون خطإ ولم يتضرّر أيّ مواطن ألماني، وأنا أتحدّثُ هنا عن المواطنين الألمان، وليس عن الأجناس الأخرى التي أقصتْهُم النّازية والذين اعتبرتْهم مجرّد أشباه بشر من اليهود، والغجر، والسّلاڤيين، والذين لا يُعْتبرون ألمانًا طبْقًا لِلعنصرية النّازية.. والآن، نرى أن سكان [أولاد العيّاشي] المهجّرين من بيوتهم ظلمًا وعدوانًا ربّما لم يعودوا مغاربة ولا حقّ لهم في وطنهم، لكنْ ما هي أهدافُ مَن أخرجوهم من منازلهم، ورمَوْا بهم في طريق المجهول، والبرد القارسُ على الأبواب، وفيهمُ الأطفال، والرّضَع، والشّيوخ، والنساء، والمعاقون؟ فأيّ مصلحة يخْدم هذا الإجراءُ الظّالمُ و[المغربُ] مستهدَف من كلّ حدبٍ وصوْب؟ والغريب في الأمر، هو أنّ هؤلاء الّذين اتّخذوا قرارَ التّهجير يَكذبون على المهجّرين بأنّ قرارَ إخراجِهم من بيوتهم، كان قرارًا ملَكيًا وحاشا ذلك أن يقْبل جلالتُه بهذه المظْلَمة في حقّ شعبِه؛ كان على [أخنوش] لو كان صاحبَ وطنيةٍ صادقة، وهو الذي أدّى القسمَ بيْن يدَي جلالة الملك، أن يوقفَ فورًا هذه المهزلة، وأن يحاكِمَ هؤلاء الذين يَكذبون بأنّ قرارَ الإخلاء كان قرارًا ملَكيًا، وأعني الباشا والقائد والمقدّم، وكلّ الذين ساهموا في فضيحةٍ لا تخْدُم مصالح بلادنا، بل تسيء لسمعتِنا..
بقي أن نُذَكّر بعلماء الدّين الذين يخافون من الله أكثر من غيْرهِم، لكي يقولوا لنا ما يقوله القرآنُ بخصوص الذين يُخْرجون المؤمنين من بيوتِهم، وما هو حكمهُم عند الله عزّ وجلّ؛ ثمّ لا نَنسى أنّ [أولاد العيّاشي] صوّتُوا على نائبٍ لهم في الجماعة، وصوّتوا على نائبٍ لهم في البرلمان، لكن أين هما الآن، لم نَرَهُما، ولم نسمعْهُما، بل لا أثَر لهما، لكنْ ما هو سببُ هذا الاختفاء المفاجئ؟ الجواب: لا أحدَ يعْلَم!
كمْ على الأرض من صروحٍ أُشِيدَتْ * لِظلَمَةٍ تَعدُّهُم أصناما.. والحكومة لاَ تدينُ بحقٍّ * لِشعْبٍ تخالُه أنْعاما.. لا رعَى الله من يبدِّدُ أمْوا * لَ البلاد ويَجْمعُ الآثاما.. لا رعى الله مسؤولاً يُشرِّدُ الأُسَرَ، قسْرًا، وبالقوّة * يَقْهر العباد، فما برَّ بتَكالى ولا أيتاما.. فماذا عساه يقول يوم السُّؤالِ * وبماذا سَيُجيبُ حوْل ظُلمِه يوم القِياما.. أما والله إنّ الظلمَ شُؤْمٌ * ولا زال الظّالمُ يَتَجبَّر ولا يَخشى مَلاَما.. إلى الدّيانِ يوم الدّينِ نَمضي * وعند الله تجتمع الخصومُ وتبّا لمن ما عَرفوا شرعًا ولا قُرآنا..

Exit mobile version