Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

هل من مزايا لظاهرة هروب اليسار إلى نقطة الصفر

“” لا يمكن دمقرطة الدولة دون دمقرطة الفعل الحزبي “”

ليس من عادتنا احتقار رقم صفر ، اللهم إذا كان على يسار الأرقام الأخرى ، فهو مؤشر على رغبة الزمن السياسي في إقصاء حلم التقدم من جدول الاعمال ، ولكنه نقطة نظام صحية تؤشر على هشاشة بنية الاستعداد ، حتى لا نقول بلغة الثوريين عدم نضج الشرط الذاتي للأداة التنظيمية ؛ والحال ان الاداة مضمون سياسي ونظري مفكر في طريقة تصريفه وتدبيره مليا وعقلانيا ، ومع ذلك يمكن ان نقر بأنه على مستوى ” الحالة الصحية ” لأغلب الفاعلين في القواعد او في خانات العاطفين والناصرين ، الأمور لا تبشر بخير ، فالصدمة قوية هذه المرة إلى درجة التيه والإحباط ، خاصة بالنسبة لمن راهنوا بالمطلق على وحدة اليسار كمعطى جديد ، في حين أن عنوان المطلب او المطلوب هو محاولة إرجاع اليسار إلى ما كان عليه قبل انقساماته المتوالية ، أو إعادة تأسيس الوحدة السابقة على أسس جديدة ، وكيف يمكن ذلك والرهان ومعه العلة شراكة ظلا هما نفسهما : سؤال المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية ! وهو بمثابة هروب إلى نقطة الصفر ، في نظر البعض الذي يركز على مركزية توحيد شتات اليسار ، هذا المطلب الذي تحول إلى ايديولوجيا وايتوبيا ، والحال ان السؤال الحقيقي والعميق ينبغي أن يطرح استراتيجيا حول الوحدة النضالية التي تجسدها تعددية الحركة التقدمية وتنوع روافد مكوناتها وفصائلها وتياراتها ، لأن مصطلح اليسار فشل عمليا في استيعاب قيمة التغيير ، كوقع كيفي ، و التي تتجاوز ما هو حقوقي او استحقاقي كواقع كمي ، باعتبار أن هناك اختلافا بين الفعلين معا وطريقة التخطيط والانجاز ، ناهيك عن البون الشاسع في كلفة كلتا الممارستين . من هنا لا مناص من خوض تمرين إستدراكي ( تقديرا للتراكم الحاصل على علاته ) يرتكز على مطلب الوحدة والديمقراطية ، أي على الوحدة النضالية في أفق الوحدة التنظيمية ، ثم تبني الديمقراطية وسيلة ( وحدة المعارك النضالية وجودة ودمقرطة قرار تدبيرها ) فالديمقراطية كغاية (دمقرطة الوعاء الموحد وبلورة أداة تنظيمية ديمقراطية ، لأنه لا سياسة ديمقراطية دون فكر ديمقراطي ) . ولعل اول خطوة في هذا السياق المنشود والبديل هو القطع مع ماضي الأعطاب ، بعيدا عن مثالية جبر الخواطر المعنوية دون الأضرار المادية ( السياسية والتنظيمية ) التي تسببت فيها حوادث سوء الممارسة وسوء التفكير ، والتي جعلت مجرد الاحتجاج والمعارضة ، كحالة نضالية عابرة ، محدودة في الزمن السياسي ، كفرصة او حظوة للانتماء لليسار ، وأي يسار ، المشتغل من داخل المجال السياسي المؤسستي ام من خارجه او يعارض على هامشه ؛ في حين الانتماء للحركة التقدمية شرطه تبني استراتيجيا النضال الديمقراطي المنتمية للزمن الاجتماعي نفسا وإرادة ، فصحيح أننا تحررنا نسبيا من إذعان المجال السياسي المغلق ، ورفعنا الخوف بتحرير الفضاء العمومي المفتوح ، لكن فشلنا في التصدي للانتظارية والتردد اللذين يطوقان الارادة ويثبطا العزائم بسبب عدم تخلصنا من عقدة الطهرانية والتعالي وفوبيا انقراض أمجاد الزمن الجميل الافتراضي .
بقلم مصطفى المنوزي

Exit mobile version