حاولت الكتائب الالكترونية والذباب الرقمي التابع لعزيز أخنوش الترويج لإشاعة مفادها أن عبد الإله بنكيران، وبعد انتخابه أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية أعطى “أوامره” لأعضاء الحزب كي لا ينتقدوا الحكومة الجديدة وأنه لن يكون ضمن “جوقة” الهجوم على رئيس الحكومة، وواقع الحال أن القصة ليست كما يعتقد البعض، فقد كذب عبد الله بوانوو، رئيس المجموعة النيابية للحزب، هذا الكلام وقال إن توجيهه كان بضرورة انتقاد الأمور المعقولة وليس معارضة ميكانيكية.
من جهتها أكدت الأمانة العامة في أول اجتماع لها برئاسة بنكيران “على أن الموقع الطبيعي للحزب في هذه المرحلة هو القيام بالمعارضة القوية والبناءة والمسؤولة التي تسهم في تقوية المؤسسات والدفاع عن المواطنين وتحصين الاختيار الديموقراطي ببلادنا، وتتخذ المواقف المنسجمة مع الرسالة الإصلاحية لحزب العدالة والتنمية ومع مبررات وجوده. وهي معارضة وطنية مستقلة في اختياراتها ولا يمكن أن تكون جزءا من أي أجندات أخرى”.
نعرف أن حزب العدالة والتنمية خرج من رحم حركة الإصلاح والتجديد، ذات الطابع الدعوي، وأن عبد الكريم الخطيب هو من تولى القيام بذلك، وحاول الحزب بعد أن غير اسمه من الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية إلى العدالة والتنمية، أن يبحث له عن موقع سياسي، وفي بداية حكومة عبد الرحمن اليوسفي مارس ما أسماه المساندة النقدية.
غير أنه بعد ذلك دخل في مرحلة معارضة غير محترفة غير أنها متميزة بالشعبوية، وكان بنكيران اساسها حتى أنه دخل في مهاترات تتعلق بالأخلاق مثلما وقع في البرلمان مع مصورة القناة الثانية أمينة خباب، لكن بعد الربيع العربي حملته سفن التغيير نحو الحكومة.
ويمكن القول إنه حاول الموازنة بما أنه كان يتعلم فن إدارة وتدبير الشأن العام من هذا الموقع، ولا يمكن القول إن الطريق أمامه كانت مفروشة، ويكفي أن من يقود الحكومة اليوم كان شريكا للحزب في تدبير حكومة الإسلاميين في مرحلتها الثانية، بل كان هو عنصرها الأساسي، وعندما اقتربت الانتخابات تخلى عنه ومارس معارضة ملتبسة.
خروج الحزب من الحكومة ونيله تصويتا عقابيا لم يتمكنا من تفتيته بل بقيت لحمته إلى حد ما متماسكة، بدليل أن تيار الوزراء حصل على حوالي ثلث أصوات المجلس المؤتمر الوطني الاستثنائي، الذي حمل بنكيران للأمانة العامة من جديد.
الدعوة إلى معارضة متعقلة تعارض ما هو أساسي تبدو تحولا في مسار الحزب يمكن أن تكون نتيجة لتدبيره للشأن العام ومعرفته بخبايا التدبير الحكومي. نتمنى صادقين أن تكون طريقة بنكيران الجديدة في التكيف مع معارضة من هذا النوع حقيقية تسعى لبناء صنف جديد من تدبير التناقضات السياسية، أي نريدها معارضة تتوجه رأسا إلى الإشكالات الحقيقية بدل ممارسة البهرجة والبهلوانية من خلال التركيز على نقط غير مهمة، مقابل عدم الاهتمام بنقط ترسم مصير الوطن.
هل هو ميلاد لمعارضة جديدة؟
