Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

هل يُخلَع ترامب من الحُكم كما خُلِعَ غباغبو في ساحل العاج؟

محمد فارس

لـمّا زار [خروتْشُوڤ] الولايات المتّحدة في أواخر الخمسينيات في عهد الرئيس [أيزَنْهاور]، قال أحدُ الدّبلوماسيين الأمريكان لأحد الدّبلوماسيين الرُّوس المرافقين للرئيس [خروتْشوڤ]: [إنِّي أشْفِقُ على (روسيا) أن يَكون لها رئيسٌ كهذا]، فوافقه الرّوسي الرّأيَ.. ومعلوم أنّ المؤرّخين قد لقّبوا هذا الرئيس: [le bouffon]؛ كما لقّبوا الزّعيم [هتلر]: [le maître chanteur]؛ ولقّبوا [موسّوليني] الإيطالي [le comédien]، ولكنْ بماذا سيُلقّبون [ترامب]؟ لابدّ أنّهم سيُلقّبونه: [le clown]، وإنّي أنا كذلك، أشْفِقُ على الأمريكان من أن يكون لهم رئيسٌ كهذا، وهم الدولة القوية، ورائدة الديمقراطية في العالم، ولكنْ كما قال فيلسوفٌ أمريكي إنّ أمريكا وبواسطة هذه الدّيمقراطية المنكوبة، ستُدار مستقبلاً بأحطّ الرّجال، وسيكون أحْسنُهم هو أكْثرَهم تفاهةً، واختيارُ [ترامب] جعَل تنبُّؤات [ويل ديورَانْت] صادِقةً إلى أقصى الحدود..
[ترامب] هذا، يجْمَع بيْن سياسة [هتلر] الـمُندفعة، وكوميديا [موسّوليني] الـمُضْحِكَة؛ لقد قيل إنّ خطابات [موسُّوليني] ينبغي أن تُشاهَد بدلاً من أن تُسْمَع نظرًا لحركاته الجسدية، وإيماءاته، وكثرة تناقضاته؛ ففي خطاب واحد، يكون فاشيًا ثمّ يصير اشتراكيًا، ثم يستحيل ليبراليًا، بالإضافة إلى سُخريته من بعض رؤساء الدّول تمامًا كما هو شأنُ [ترامب] وهو يلقي خطاباته السّياسية، فيما هو أجْهَل خلْقِ الله في ميدان السّياسة، لأنّها يعني السّياسة، فنٌّ حاذِق، فيما هو مجرّد [بَزْناس]، وصاحب صفقات لا أقلَّ ولا أكثر.. فالرئيس [ترامب] يَجْمع بيْن نفسيه [هتلر] ومزاجِه المتقلِّب مع إزاحة كلّ من يعارض مزاجَه؛ فإذا [هتلر] قد غيَّر وزيرَ الخارجية [نويرات]، ووزير الدّفاع [بلومْبيرغ]، فإن [ترامب] هو كذلك قد غيَّر وزير الخارجية [تريلرْسون]، ووزير الدّفاع.. وإذا كان [هتلر] قد عيَّن قاضيًا نازيًا اسْمُه [فرايْسلر]، فإنّ [ترامب] قد عيّن قاضيةً من حزبِه. وإذا كان [موسّوليني] قد عيّنَ صهرَه وزيرًا للخارجية ومستشارًا شخصيًا له يُدْعى [تشْيانو]، وجعل من ابنتِه مستشارةً له، فإنّ [ترامب] هو كذلك جعَل من صِهْره [كوشْنير] ومن ابنتِه [إيڤانْكا] مستشاريْن شخصييْن له، فأيّ فَرق تراه إذن بيْن الكوميديَيْن والحالةُ هذه؟
كان [هتلر] قد ترأّسَ مؤتمرَ اتّفاقية [ميونيخ] سنة (1938)، في غياب ممثّلين عن الشّعب (تشيكوسْلوڤاكي)، وقد روّجتِ الصّحافةُ النّازية أنّ [هتلر] أنقذَ السّلامَ في [أوروبّا]، لـمّا عاد رئيسُ الوزراء الفرنسي [دالادْيي] إلى [باريس] استُقْبل بالحفاوة، فالْتفتَ إلى الواقف بجانبه في السّيارة المكشوفة وقال له: [Les imbéciles، إنّهم لا يَعرفون!]، لكن التّشيكيين لم يعمّهُمُ الفرحُ تماما كما لم يَعُمّ الفرحُ الفلسطينيين الذين غابوا عن أيّ اتّفاق سلام في [البيت الأبيض]، ومع ذلك قيل إنّ [ترامب] أنقذَ السّلام في الشّرق الأوسط.. بقي [هتلر] يُمْلي للدّول الضّعيفة، وهو ما يسمّى بالألمانية [ديكْطاطَن]، فقام [كويسْلينغ] بتأمين صادرات الحديد من [النّرويج] إلى [ألمانيا النازية]؛ وفي [النامسا] عُيّـنَ النازي [سايس إينْفارت]؛ وفي [رومانيا] أمّنَ [أنتونيسكو] تصديرَ النّفط من مصفّاة [بلوسْتي] الرُّومانية بعد استقالة الملِك [مايكل]؛ واستقال رئيسُ الوزراء [دَلادْيِي] في [فرنسا]؛ وماتَ رئيسُ الوزراء [شابرْلين] في [بريطانيا] بعْدما حطَّمه سَعْيُه الصّادق للسّلام؛ لكنّ [هتلر] واجهَ ثلاثَة رؤساء أقوياء، وهم: [ديغول]، و[تشَرشَل]، و[روزڤيلت]، وبدأتْ بداية النهاية لهيمنة [هتلر] على مُقدَّرات العالم.. و[ترامب] استأْسَد على العالم العربي الـمُنهك، والمفكَّك، ولكن برز له هو كذلك ثلاثة رؤساء ٍأقوياء، وهم: [بوتين]، ورئيسُ [الصّين]؛ و[كيم يونغ أُون] رئيسُ [كوريا الشّمالية] الذي وصفه علانيةً بالرّجل المختلّ عَقْليًا، وقد كان [ترامب] يريد منه أن يتخلّى عن أسباب قوّتِه، وهي الأسرار النّووية والصّواريخُ الباليستية بعيدة المدى، وأخفق [ترامب] في هذه الصّفقة..
كان [هتلر] يقتل اليهود والغجر لأنّهم بدون سلاح، تمامًا كما يقتل [ترامب] السُّود ويضايق المهاجرين من [أمريكا اللاتينية]؛ وخلال الانتخابات اتّخذ منه الشّعبُ موقفًا، وصوّتَ ضدّه لولاية ثانية، وكان خصمُه رجلاً ذا تجربة سياسية، فأجهزَ عليه، وبَهْدله حتى خرجَ [ترامب] عن وعيه، وأخذ يدّعي بأنّ الانتخابات كانت مزوّرة، فلم يصدِّقْه أحد، وانقلب ضدّه حتى أعضاءُ حزبه، فأمر أنصارَه، وكلّهم غَوْغاء، وأصحاب فوضى، بأن يَنزلوا إلى الشوارع، بعدما كان يَقتل كلَّ مَن نزل إلى الشارع من السّود الغاضبين، فتحوّلتْ [أمريكا] إلى دولة متخلّفة، وأراد [ترامب] أن تُصبِح ديكتاتورية حتى يَحتفظ بالسُّلطة، وقد أُصيبَ بجنونِها وعزَّ عليه الخروجُ من [البيت الأبيض]، وهي سابقة في التّاريح.. فلكي يخرُج من هذا البيت الرئاسي، لابد من اعتماد الطّريقة العنيفة التي خرج بها الرئيس الإڤواري [غباغبو] بعدما رفض الاعترافَ بنتائج الانتخابات الرئاسية، فنزلتْ عليه قواتٌ خاصة، واعتقلتْه وهو في لباس النّوم، واقتيدَ إلى المحكمة؛ و[ترامب] نفسه سيحاكمُ بعدة تهم من أبرزها تهرُّبُه من الضّرائب؛ فهو الآن ينهي ما تبقّى من أجندة [الصُّهيومسيحية] لعلّها تُنْجيه من المتابعات..

Exit mobile version