Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

وإذَا الـمَوْءُودَة سُئِلَت بأيِّ ذنبٍ قُتِلَت

محمد فارس

بعد الأطفال الشهداء: [عدنان، ونعيمة، وحسين]، جاء دور الطفلة الشهيدة [إبتسام] في [طاطا]، وقد قُتلت منذ شهر، ولم يعْثر على جُثتها إلا منذ أيام قليلة؛ فخلال ستة أشهر، نَشِطتِ الوحوشُ الكاسِرة التي تنْدسّ بيْننا، لها شكلُ البشر، وقلوبُها قلوبُ الشياطين؛ ومنذ مقتل الطّفل [عدْنان] بعد اغتصابه في [طنجة]، كُنّا قد توقَّعنا مقتل أطفال آخرين لاطْمِئنان القتلة على حياتهم مسْبقا بسبب تعطيل حكمٍ من أحكام الله عزّ وجلّ، وبسبب تواجُد شياطين يدافعون عن القتلة ويَحْرصون على صحتهم في السّجون، وعلى حسْن معاملتهم لما قاموا به من أعمال تدمِّر الأمة وتقطع أوصال المجتمع خدمةً لمنظمات [هَدْم العُروش]، وها أنتَ ترى القتلةَ يأكلون في السّجون من قوتِ أمةٍ قتلوها وينامون مطمئنّين ومحصّنين من حبْل المشانق، والمواطنون يتحسّرون ويَتميّزون غيضًا ولكن لا حَوْل ولا قوّة لهم؛ لكن هؤلاء الأطفال الشّهداء سوف يشْهدون عليْنا يوم لقاء الله، فبماذا عسانا نجيب يا أمة [محمّد] عليه الصّلاة والسّلام؟

لم نسمع جمعيةً ندّدت، أو طالبت بتنفيذ أحكام الإعدام كما تنادي جمعيات ومنظمات [هدْم العُروش] نهارًا، جهارًا، بإلغاء عقوبة الإعدام في حقّ هذه الوحوش الكاسرة التي تمارس الإرهابَ في الأمّة.. لم نقرأ ولو مقالة تَشْجب هذا القتل الذي صار أمرًا عاديًا ومألوفًا في البلاد.. لم نسمع عالـمًا واحدًا ذكَّر بقوله عزّ وجلّ رغم أنّه يتمتّع بحماية إمارة المؤمنين، وأميرُ المؤمنين هو ظلُّ الله في الأرض، يَحْمي كلّ من دَعا إلى الله.. الشعب كلّه ينادي ويطالب بالإعدام، فلا أحدَ سمعه، ومع ذلك ينادونه للإدلاء برأيه في الانتخابات، فهل هذا هو المنطق يا أصحاب [كُرسي المنطق] في القناة (السادسة)؟ اليوم، بمجرّد أن تنطق محكمة بالإعدام، يطير القاتلُ فرحًا ويعْلم أنه نجَا من حبل المشنقة، هذا ما أصبح يعنيه الحكم بالإعدام في هذا البلد المسلم، العريق.. الحكم بالإعدام يشبه إلى حدٍّ بعيد [قانون ساكْسُونْيا] حيث كانت المحكمة تقضي بحكم الإعدام في حق القاتل، فيُؤتى به إلى الساحة تحت الشمس، فتُضْرب عنُقُه في ظِلِّه، ثم يعود إلى حياته العادية مطمئِنّا، ناعمَ البال؛ وإذا قتل ثانيةً، يُضرب عنقُه في ظلّه تحت الشمس وهكذا دواليك؛ وهكذا هو حكمُ الإعدام في هذا البلد المسلم الأصيل الذي اسْمُه [المغرب]..

كثيرة هي الدول التي تنفذ أحكام الإعدام في حق القتلة ولا تلتفتُ إلى المنظمات والجمعيات الهدامة، فماذا أصابها وهي أعلمُ بمشاكلها الداخلية، وتمارس سيادتها وتعبِّر عن استقلالها، ولا تسمح لأحد بالتدخل في قوانينها وفي شؤونها الداخلية.. نحن نعلم أن بلادنا مستهدفة من قِبل جمعيات ومنظمات وأشخاص خونة يخدمون أجندات أجنبية، ولكن ماذا عساهم يفعلون لو أنّنا مارسنا حرّيتنا، ونفّذنا أحكام قضائنا وطَهّرنا بلدنا من هذه الحُثالة التي لا فائدةَ منها للبلاد والعباد، فصارت لنا هَيْبة ولحياتنا قيمة؟ إنّ الذين ينادون بإلغاء أحكام الإعدام، هم أنفسهم الذين يدافعون عن الزّنا، والشذوذ، وكل أنواع المناكر والآثام؛ فلماذا نخافهم، وأية قيمة لهم ولـمَا ينادون به من مفاسدَ ومنكرات؟ لقد كان من الواجب حَظْر هذه الجمعيات، وإغلاق مقراتها حفاظًا على أخلاق وعلى سلامة البلاد.. هؤلاء القتلة همُ الذين يَفرضون سلطتهم، وكيْف لا، وقد قتلوا الشرطي، والدركي، وحارس السجن، وهم الآن ينعمون بالأمن والأمان، في سجون توفّر لهم كل متطلبات الحياة الكريمة وكأنّهم يكافَؤُون على ما أنجزوه، فما الذي سيَمنعهم من استهداف الطفولة؟ وما هي إلا البداية، وسيَستفحِل الوضعُ الأليم، وستزداد وتيرة الإجرام حتى تبلُغ معدّلات وبائية، وسوف ترى وتأتيك الأخبار بما جرى، اللهمّ إلا إذا أنشِئَت [كتيبةُ الإعدام] للتخلص من هذه الڤايْروسات القاتلة..

والآن، اسمعِ المعقول، وانْتبِه للتاريخ ماذا يقول! ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يؤمّ الرجال والنساء في مسجده الشريف، ويَسمع بكاء الطفل، فيخفّف الصلاة ويتجوَّز فيها، إلاّ رحمة به، وشفقة على أمّه، لأنّها إذا سمِعت بكاء ابنها، انصَرف قلبُها إليه، واشتغلت به عن استماع القرآن والخشوع المطلوب في الصلاة؛ والمرأةُ ضعيفة القلب، سريعة الانفعال لما يصيب أولادها؛ إذا بكى طفلها ردّد فؤادُها صدى بُكائه.. قل: يا رسولَ الله، والذي بعثكَ بالحقّ، أنّ الأطفال عندنا اليوم يُغْتصبون، ويُقتلون، وتكْلُم قلوبُ أمّهاتِهم لموْتهم، وكم من أمٍّ يقْطُر قلبُها دمًا بعْد قَتل طفلها أو طفلتها، وقتلُ طفْل في أمة، يُعتبر كارثةً يهتزّ لها عرشُ الرّحمان.. اغتصابُ طفل وقَتله، هو كارثة أعْظَم وأفْظع من داء [كورونا] أو [الطاعون الأسْود]؛ ولا أظنّ أمة تسكُت أو تُبطل حُكم الله، فيوفّقها الله إلى ما تصبو إليه من تنمية، ورُقي، وازدهار، لأنّها استخفّت بالحياة، ولم تعُدْ لها أيةُ قيمة، والله عزّ وجلّ ربَط الحياةَ بالقصاص في قوله تعالى: [إن لكُم في القصاص حياة]، ونحن والحالةُ هذه، أصبحنا كما يقول فلاسفة الأخلاق: [نعيش، ولا نَحْيا]، لأن بيْن الحياة والعيش فرقًا شاسعا، لماذا؟ لأنه لا حياة لمن تنادي، تلك هي مُشكلتنا في البلد الذي يسير نحو الهاوية ونحن لا ندري، وقد أشاح الله عزّ وجلّ بوجهِه عنّا، فلا يُستجاب لنا مهْما رجوْنا.

 

 

Exit mobile version