Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

وتستمرُّ مغامرةُ القرن العِشرين بحربِه العالمية الضّارية

محمد فارس
كلّفت الحربُ العالمية الأولى مائة وثمانية وستّين مليارًا من الدولارات، وتكلفة الخراب قرابة الـمِئتي مليار، كما أزهقتْ فيها أرواح عشَرة ملايين، وجُرح عشرون مليونًا آخرون، وتجدر الإشارة إلى أنّ سلاحَ الطّيران هو أوّل ما استُخدم في هذه الحرب، وكانت الطائراتُ تُلقي القذائف على نحوٍ حُرّ، مما يسبّب خسائِر فادحة دون تدقيق في الإصابات، وهذا ما كان يؤثّر في إصابات المدنيين كثيرًا، كما لا ننسى أنّ خلال هذه الحرب، فشى وباء قاتِلٌ يُدْعى (الإنفلوانزا الإسبانية) الذي أودى بحياة الآلاف، وسمّي (الإسبانية) لأنّ الصّحافة الإيبيرية هي التي كشَفت عنه لأنّها لم تَكُن تَخضَع للرّقابة الصّارمة في بلدِها، والآن إليكم بعض المعارك المهمّة التي ذكَرها التاريخُ خلال هذه الحرب الدّموية:
[مَوْقعة إيبر: 1914]: (إيبر) هي مدينة في مقاطعة (الفلانْدر) الغربية شمال غرب (بلجيكا) قرب الحدود الفرنسية، وقد كانت ميدانًا للحروب على مدى قُرون.. وأما في الحرب العالمية الأولى، فقد كانت ميدانًا هامّا من الميادين التي احتدَمت فيها المنافسات، فقد جرتْ موقعةُ (إيبر) الأولى، في عام (1914)، وفيها أوقف البريطانيون والبلجيكيون تقدُّمَ الألمان نحو موانئ المانْش؛ ولكن في معركة (إيبر) الثانية، عام (1915)، استطاعَ الألمانُ أن يصدّوا هجومَ الحُلفاء بالغازات القاتلة.. [موقعة تاننبرج: 1914]: موقعة (تاننبرج) هي إحدى المعارك بين الجيش الألماني، وبين الجيش الروسي، وقد كان (هايْدنبُورج) القائد العام للجُيوش الألمانية، و(تاننبرج) هي من أعمال (بروسيا) الشّرقية السابقة، ولم تكُن آنذاك قد ضُمّت إلى الأراضي البولندية، وكانت هذه المعركةُ مقدّمة لغَزْوِ (بولندا) فيما بعد؛ كان القائدُ (لودَنْدورف) مُعاوِنًا لِـ(هانْدبورج)، وفي هذه المعركة هُزِمَ الجيشُ الرّوسي هزيمةً نكراء، وأُسرَ مائة ألف جندي روسي.. [حَملة غاليبّولي: 1915 ــ 1916]: كانت هذه فكرة (وِنستون تشرشَل) الذي كان وزير البحرية، لكنّ الحملةَ البريطانية أخفقتْ، لذلك اجتمع الحلفاءُ على فِكرة القيام بحرب بريّة، فما استطاعوا أن يُحقّقوا أيّ مكسَب، وظهرتْ شجاعةُ (مصطفى كمال)، وتمكّن الجيشُ العثماني من أن يُلْغي كلّ طُرق التّعاون بين الجيوش الغازية وفَقَدَ (تشرشل) منصبَه الوزاري..
[حمْلة سالونيكا: 1915 ــ 1918]: كان سببُ هذه الحملة، وقوف (اليونان) على الحياد، ومِن ثمّة فقد كانت بعْد سقوط حكومة (فنزيلوس) في عام (1915)، حيث كانت هذه الحكومة موالية للحلفاء تَرى أن تشتركَ في صفِّهم أثناء الحرب، ولهذا نَزلت قوات الحلفاء بقيادة (موريس سراي) القائدِ الفرنسي في (سالونيكا)، وقامت بمحاصرة (اليونان) على نحوٍ سِلمي بهدف تخفيف الضّغط على (صِربيا)، غيْر أنّ ملكَ (اليونان) لم يشَأْ أن يخالفَ سياسةَ الحياد، فقام الحلفاءُ بإعادة (فنزيلوس) إلى الحكومة، ومن ثَمّة انجذَبتْ (اليونان) إلى العمل مع الحلفاء، فأعلنتِ الحربَ على دُول وسط (أوروبّا)، وقدِ انضمّت (اليونانُ) رسميًا إلى الحلفاء في يوليوز، عام 1917، وتخلّى الملكُ (قُسْطنطين) عنِ الـمُلْك بعدما شرَع الحلفاءُ يغزون وسط (اليونان)، ثم استَسلمت (بلغاريا)، وسقطتْ (رومانيا) في أيدي الحلفاء، ومن ثمّة انتهت حملة (سالونيكا) بتوقيع شروط الهدنة عام (1918).
[الحربُ الإيرانية الأوروبية: 1915 ــ 1946]: هي الـمُنازعاتُ والحروبُ التي جَرت بين الدّول الأوروبية الطّامعة بدْءًا من عهد الأسرة القَاجارِيَة في القرن (19)، حيث كان جواسيسُ الإنجليز قد تناهى إليهم معلومات تدُلّ على وَفْرة النّفط، ولذلك بدأتْ (روسيا) و(إنجلترا) تتطلّعان إلى (إيران)، وقد تدخّلت شركة هولندية لاستثمار حقول النّفط المكتشفة أواخر القرن (19)، ورضختِ الحكومةُ الضّعيفة لهذا الأمر؛ وفي عام (1915) احتلّت كتائبُ إنجليزية وروسية (إيران)، وما لبثَتْ (روسيا) أنِ انسحَبتْ بجنودها عام (1917)، ثم أُلزِمت (بريطانيا) بإخراج جنودها عام (1927)، ولكنّ (بريطانيا) استطاعت أن تمتدَّ بنفوذِها عبْر رجُل سيطَر على الأوضاع في (إيران) وهو (الشاه رضا بهْلَوي) عام (1921) وألغى الامتيازات الأوروبّية عدَا امتيازات خاصّة بريطانية، وبهذا سقطَ حُكْمُ الأسرة (القَاجارية)؛ وفي الحرب العالمية الثانية، أعلَن الشاه أنّ (إيران) ملتزمة بالحياد، لكنّ (روسيا) و(بريطانيا) غَزتا البلد، وأُكْرِهَ الشّاه على التّنازُل لابنه (محمّد رضا) الذي أعلن الحربَ على دول الـمِحْوَر، وأصبح الوضعُ سياسيًا بالتحكُّم عن بُعْد عبْر نفوذ الإنجليز على الشّاه إلى أن قرَّرتْ (أمريكا) التّدخل عبْر وزارة (مُصدّق) الذي أسقط (الشّاه)، وعزفتْ عن التّدخل وقْتها، لكنّها عمِلت على إسقاط حكومة (مصدّق) بواسطة (السّي ــ آي ــ إي)، وبقيتْ (أمريكا) متحكّمة في (إيران) بواسطة الشاه وُشرطتِه (السّافاك) حتى مجيء (الخُميْني) الذي وضع حدّا لنظام أسرة (بهْلَوي)؛ ومن ثمّة والعلاقاتُ الأمريكية الإيرانية متوتِّرة، وفي مدٍّ وجزرٍ، وأخذٍ وردّ إلى يومنا هذا وإلى ما شاء سبحانه وتعالى..

Exit mobile version