Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ورغم ذلك أخطأ عزيز أخنوش وأخطأ التجمع

 

حاول عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، أن يخرج رجليه من مستنقع الورطة التي أوقع فيها نفسه، لكن ما يكاد يخرج من تبرير “غير منطقي” حتى يدخل في الآخر، لأن المطلوب كان هو الاعتذار ويخرج من باب واسع، لكنه فضل الهروب إلى الأمام وكأنه لم يخطئ، ولهذا دفع المكتب السياسي للحزب ليصدر بيانا قال فيه إن الأقوال الساقطة والمفردات المهينة، التي تمس الثوابت الوطنية، لا يمكن تصنيفها في خانة التعبيرات الشعبية الواجب الإنصات لها.

هذا نوع من المغالطة، التي يمارسها حزب سياسي يتطلع زعيمه ليقود الحكومة في الانتخابات المقبلة، لأن محل النزاع ليس هو التعبيرات في حد ذاتها، ولكن مطلب “التأديب”، الذي دعا إليه واعتبره حلا وحكما في حق من سماهم قليلي التربية. حيث قال في لقاء بإيطاليا “اللي ناقصاه التربية خاصنا نربيوه”.

إذن محل النزاع ليس هو التعبيرات ولكن هو “التأديب”. فلو اتفقنا على أن بعض التعبيرات مخالفة للقانون فمن هو المخول للقيام بتأديب أصحابها؟ في نظر القانون كل المخالفات ينبغي أن يعاقب أصحابها، كل حسب الجرم أو الجنحة المرتكبة، ولا يميز القاضي بين اللص وتاجر المخدرات والإرهابي ومرتكب الجرائم الإلكترونية إلا ما ميزه القانون، الذي هو تشريعات صادق عليها البرلمان باعتباره ممثلا للشعب عبر الانتخابات.

إذا كانت الجرائم والجنح كلها انزياحًا عن القانون، فنطرح السؤال على أخنوش: كيف تسمح لنفسك بالدعوة إلى تربية “ناقصي التربية” دون أن تسمح لآخرين بتربية تجار المخدرات وغيرهم؟

إذا ما دخلنا في المسار الذي دعا إليه أخنوش فسندخل مباشرة في حائط “شرع اليد”، الذي تدعو إليه بعض السلفيات المريضة. لا فرق هنا بين ليبرالي ووهابي؟ شرع اليد واحد. ولكن أقصى ما يمكن أن يقوم به المواطن تجاه الجرائم والجنح هو التبليغ عنها وليس معالجتها بنفسه وإلا أصبحنا أمام فوضى رهينة بتقدير كل واحد لما هي الجريمة وما هي الجنحة، في حين إن القضاء وحده قادر على تحديد من هو المجرم ومن هو الجانح، وحتى في حالة الخطأ والتجاوز هناك مراتب لتصحيح ذلك.

بيان حزب التجمع الوطني للأحرار المدافع عن رئيسه لجأ إلى المغالطة في محاولة للإقناع، ولكن للأسف الشديد لا يستطيع ذلك لأن الأمر يتعلق ب”التأديب” وليس بالتعبيرات، فالقضاء هو المحدد لذلك، وخارج منطق التأديب يمكن لكل حزب أو جمعية أو شخص أو صحيفة أو صفحة أن تنتقد ما يروج داخل المجتمع، وتقوم بالتوجيه والإخبار والتظلم، لكن فوق ذلك تكون قد انتحلت صفة لم يمنحها إياها أي واحد وهي صفة القاضي.

من أعطى لأخنوش هذه الصفة؟ فهو وزير للفلاحة، وفي إيطاليا كان يتحدث بصفته رئيسا لحزب سياسي، وبالتالي هو أخطأ، أولا في التعميم، لأن كثيرا من المغاربة فهموا أنهم معنيون بصفة “عديمي التربية”، وثانيا لأن “التأديب” من شأن مؤسسة قائمة الذات مستقلة عن كل السلط.

Exit mobile version