Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

وهبي وتسفيه موضوع الأسرة

النقاش حول مدونة الأسرة صحي وضروري، فالقوانين مهما كان مصدرها ومنبع صدورها تحتاج دائما إلى التجديد والتطوير، باعتبار أن القوانين هي الإجابة عن تساؤلات المجتمع، وكان جلالة الملك محمد السادس قد دعا إلى تغيير مدونة الأسرة، بعد أن ظهر أثناء تطبيقها وتنزيلها على أرض الواقع عديد من الثغرات.

لكن النقاش باعتباره ضرورة لا يعني أنه متاح لمن هب ودب حتى لو كان في حجم وزير من صنف عبد اللطيف وهبي، الذي يتولى حقيبة العدل، والذي يبدو أنه لم يستوعب معنى التجديد، بل حوّل النقاش إلى مجرد فكاهة بئيسة، قد تجر عليه ويلات كثيرة إن لم يلجم فمه، وقديما قيل “من كثُر كلامه كثُر سقطه”، ولعل الوزير لن يكثر سقطه فقط بل سيكون سببا في سقوطه المدوي.
قال في لقاء أخيرا “إلى درنا الحمض النووي للمغاربة كل واحد غادية تبعوا 20 دري”. هذا قول يقوم بتسفيه النقاش الجدي، لأنه أولا تسافل في الخطاب إلى الدرجات الدنيا، التي لا يمكن معها قبوله، لأن فيه تشكيك في نسب المغاربة أي أغلب المغاربة مادامت مبالغة الوزير بالكثرة فإن العدد لن يكون إلا بالكثرة، وهذا أمر خطير، لأن قضية النسب عند المغاربة ليست هينة، ولسنا مثل بعد بلدان الغرب، ونشدد على كلمة بعض، التي ليس لديها مفهوم النسب.
وهبي ما زال مصرا على النزول بالنقاش أسفل سافلين، وما زال يروج لمقولات يرفضها بعض الغرب، حيث قال فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، إن المعركة مع الناتو هي دفاع عن الفطرة السليمة، ومن الفطرة السليمة الحفاظ على الأنساب، وهي من مقومات هويتنا، التي أضحى الوزير يشكك فيها ووضعها موضع السخرية.
النقاش حول المدونة من أخطر النقاشات، وما غاب عن وهبي وهو يدخل هذه المعركة ببندقية من البلاستيك معتقدا أنه يمتلك سلاح الحقيقة الحقيقي، أن معركة الثقافة أخطر المعارك وما يسعى إلى تسويقه لن يقبله المغاربة، الذين وصفهم بأنهم كلهم مع أطروحاته، التي تدافع عنها قلة مرتبطة ب”ببعض الغرب”، بينما الثقافة الاجتماعية ما زالت تفيد أن “الدين معطى اجتماعي” من الصعب تجاوزه.
نرى أن النقاش ينبغي أن يبتعد عنه من لا يلم به، وظهر أن وهبي، الذي أراد نقاشا يمتزج فيه الديني بالقانوني، أنه ضعيف جدا في المعرفة الدينية كما ألهته السياسة عن المعرفة القانونية، وبالتالي كل مرافعاته بهذا الشأن اتخذت طابعا هزليا “ضحك كالبكاء”.
النقاش حول المدونة ينبغي أن يجمع العلماء والعلماء فقط. العلماء في الدين الراسخون في العلم والاجتهاد الفقهي، والعلماء في القانون المتمكنون من النصوص القانونية ذوو الباع الطويل في الاجتهاد القانوني وتطويع النصوص.
المعركة في أصلها معركة تأويل لا معركة نصوص، التأويل الديني والتأويل القانوني وينبغي حصر النقاش في من امتلك ناصية التأويلين وإبعاد الساخرين بإحسان إلى يوم إخراج القوانين.

Exit mobile version