لم يعد المواطن الذي أنهكته أسعار البطاطس والطماطم وحده يشكو ويعارض هذه الحكومة، التي أقسمت حتى تعيدنا لعام “الجوع”، ولكن حتى مسؤولون في المؤسسات العمومية أصبحوا يدقون ناقوس الخطر ويحذرون من الاندحار الجماعي، لكن الحكومة ما زالت مستمرة في نهجها، بل تطلب منا أن نشكرها على منجزاتها، وكأنها لم تستفد مما يجري حولنا في دولة كانت إلى الأمس القريب دولة الترف، وهي الآن مشتعلة نتيجة السياسات الهوجاء، التي لا تقرأ الظروف ولا تستفيد منها، ومن تأخر في القراءة سقط في الامتحان.
اقرؤوا بسرعة يرحمكم الله.
المسؤول الذي حذر من الكارثة المحدقة بنا هو أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، وهو مسؤول غير سياسي ولن يتقدم للانتخابات المقبلة وبالتالي هو غير مطالب بممارسة الخطاب الديموغاجي، وبالتالي فإن قراءته علمية. نعرف أن المندوبية تتوفر على أطر كبيرة في هذا المجال، وهو لا يتطاول على المؤسسات الأخرى.
الحليمي يقول إن الحكومة لا تقول الحقيقة. أوضح في حوار صحفي أخيرا أن التضخم ليس نتيجة أزمة أوكرانيا ولا تداعياتها الدولية، ولكنه أزمة داخلية بنيوية، وبالتالي سيبقى مرافقا لنا حتى نتعايش معه، وهروب الحكومة في مبررات الأزمة الدولية مجرد أوهام أو مجرد بروباغندا حتى يصدقها الشعب.
الأزمة ناتجة عن سوء تدبير داخلي. لدينا خلل كبير في الإنتاج الداخلي.
دعنا هنا نقف عند هذا الموضوع فهو مهم جدا.
الأزمة موجودة اليوم في السلاسل الغذائية، وأساسا في الخضر واللحوم، أما الفواكه فإن الحكومة أعادتنا إلى العهد الذي كانت فيه امتيازا. لقد كان عزيز أخنوش، رئيس الحكومة الحالي، وزيرا للفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية لمدة 15 سنة، وهي الوزارة التي حظيت بخصوصيات كبيرة حتى أنه نال تفويضا بتدبير صندوق التنمية القروية المسؤول عنه رئيس الحكومة.
النتيجة بعد كل هذه السنوات وكل هذه الملايير أن البصل، الذي كان يضرب به المثل في الرخص تجاوز 17 درهما، والبطاطس، التي كان يقال عنها “طاطا برطل” أي شبه مجانية تجاوزت العشرة دراهم، واللحوم الحمراء خاضعة اليوم لاستيراد العجول، ولكن الحق يقال فإن المغرب اليوم لديه كميات كبيرة من “لافوكا” و”الدلاح”.
الحليمي قال إن الحل ليس في الخارج ولكن في الداخل فحتى لو انتهت أزمة أوكرانيا اليوم سيمتد التضخم لسنوات، لأن العلاج هنا والآن، وغيرهما مضيعة للوقت والجهد وتعريض البلد لخطر عدم الاستقرار، والحل يكمن في عقلنة الإنتاج في المغرب وتطويره والتركيز على تحقيق السيادة الغذائية، التي نكاد نفقدها مع عزيز أخنوش.
الحكومة ما زالت أمامها فرصة لتدارك الوضع السيئ الذي وصلت إليه البلاد ودون دخول وخروج في الكلام وبعيدا عن “المتجر” الذي يفتحه الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة كل خميس، ويمكن تعزيز الجهود لتجاوز الأزمة.