حذرت الجمعية المغربية لحماية المال العام، من خطورة ما اسمته “استمرار الفساد والتسامح معه على كل البرامج والسياسات العمومية وتعطيل كل الآليات القانونية والمؤسساتية لمكافحته، ونبه بلاغ صادر عن المكتب الوطني للجمعية، إلى المخاطر المترتبة عن التعامل مع قضية الفساد كحملة ظرفية أو تعامل تكتيكي أو انتقاء بعض الملفات للتدليل على أن الدولة بصدد محاربة الفساد ومواجهة سياسة الإفلات من العقاب، مطالبا السلطة القضائية بتسريع وتيرة حسم ملفات الفساد ونهب المال العام وإصدار أحكام رادعة ضد المفسدين ولصوص المال العام واتخاذ إجراءات لضمان استرجاع الأموال المنهوبة.
واعتبرت الهيئة الحقوقية، أن المراكز المستفيدة من واقع الفساد والريع تسعى إلى تحجيم أدوار المجتمع المدني في تخليق الحياة العامة وتحويل مؤسسات الحكامة إلى أدوات صورية فاقدة للقرار، مطالبة في المقابل بتبني استراتيجية وقائية من الفساد والرشوة وتعزيز أدوار مؤسسات الحكامة في تخليق الحياة العامة.
وجدد حماة المال العام، مطالبتهم بمحاسبة وزير التعليم السابق أحمد خشيشن ومحيطه المسؤول عن تبديد وهدر الأموال العمومية المخصصة للمخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم والذي رصدت له مبالغ مالية كبيرة وصلت إلى 44 مليار درهم، مشددين على ضرورة سن قانون يمنع كل الأشخاص الذين تحوم حولهم شبهات فساد بمقتضى تقارير رسمية أو متابعات قضائية من تولي أية مهام عمومية كيفما كانت.
كما أكدت الجمعية، على أن التشكيلة الحكومية الحالية تشكل عائقا أمام ورش مكافحة الفساد وتخليق الحياة العامة ذلك أن رئيسها وبعض وزرائها متورطون في تضارب المصالح ويجعلهم ذلك في تناقض مع تطلعات المجتمع في مكافحة الفساد والريع والإفلات من العقاب، مسجلا تملص الحكومة من مسؤوليتها في مكافحة الفساد والرشوة تجسده عدة قرائن ومعطيات ضمنها تجميد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وعدم مراجعة القوانين ذات الصلة بتخليق الحياة العامة (قانون التصريح بالممتلكات وإقبار المقتضيات القانونية المتعلقة بتجريم الإثراء غير المشروع الوارد في مشروع القانون الجنائي)
وطالبت الجمعية، بفتح تحقيق موسع وشامل حول طرق صرف الأموال العمومية المخصصة لمخطط المغرب الأخضر خاصة وأن هناك معطيات تفيد بوجود شبهات فساد اعترت تنفيذ المخطط واستفادة فلاحين كبار وأشخاص آخرين من الأموال المخصصة للبرنامج بدون سند مشروع، تحقيق يفضي إلى محاسبة كل المتورطين في تبديد أموال عمومية مهما كانت مسؤولياتهم ومراكزهم.
كما طالبت الجمعية، بالتعجيل بإعلان نتائج البحث والتحقيق بخصوص ملف التلاعب بتذاكر المونديال وإحالة الملف على القضاء لمحاكمة المتورطين في ذلك.
وعبرت الجمعية المغربية لحماية المال العام، عن أملها في أن تشكل القوانين الجديدة المؤطرة لمهام مجلس المنافسة وإرجاع هذا الأخير للملف المتعلق بوجود محتمل لممارسات منافية للمنافسة في سوق توزيع المحروقات إلى مصالح التحقيق مقدمة لتفعيل حقيقي لأدوار ومهام هذه المؤسسة الدستورية.
و طالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام بالكشف عن نتائج التحقيق الذي باشرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مع العربي المحرشي البرلماني عن حزب “الأصالة والمعاصرة” والرئيس السابق للمجلس الإقليمي لوزان في قضايا فساد.
وقال رئيس الجمعية محمد الغلوسي إنه في سنة 2020 استمعت له الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، بصفته رئيسا للجمعية المغربية لحماية المال العام، تنفيذا لتعليمات الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط ، وذلك على خلفية شكاية الجمعية بخصوص افتراض وجود شبهة اختلالات مالية وقانونية وتدبيرية بالمجلس الإقليمي لوزان في عهد رئيسه العربي المحرشي.
وأوضح الغلوسي أن هذه الاختلالات لها صلة بتدبير الصفقات العمومية وسندات الطلب ودعم الجمعيات والمحروقات وأجور الموظفين والهاتف وغيرها، وأضاف أنه بعدها انكبت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى الاستماع إلى مجموعة من الأشخاص وحجز مجموعة من الوثائق ذات الصلة بالقضية، وهي القضية التي أنجزت بخصوصها كل من المفتشية العامة لوزارة الداخلية والمالية، تقريرا يتضمن اختلالات جسيمة ترتقي إلى درجة المخالفات الجنائية ومعاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي.
وسجل الغلوسي مرور أزيد من ثلاث سنوات على تدشين البحث القضائي في هذه القضية، دون أن تظهر نتائجه لحدود الآن، وهو ماجعل الجمعية تنبه في أكثر من مناسبة إلى كون طول مدة إنجاز المساطر القضائية ذات الصلة بجرائم الفساد ونهب المال العام يشكل تقويضا للقانون والعدالة.
وأكد أن هذا التأخير يشكل هدرا للزمن القضائي، ويقوي الشكوك حول النجاعة القضائية وسواسية الناس أمام القانون، متسائلا هل سيتدخل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، لتحريك المياه الراكدة وحلحلة القضية وفرض احترام القانون ومتابعة المتورطين في هذه القضية طبقا للقانون.