Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

16 ماي..الإرهاب والمراجعات

إدريس عدار
ارتبطت 16 بذكرى أليمة في ذاكرة المغاربة. والذاكرة الجماعية لا يمكن التخلص مما احتفظت به. يوم ليس كباقي الأيام. رغم أن المغرب عرف عمليات إرهابية سابقة لكنها تدخل في “العمل التقليدي” للحركات التكفيرية. الضربة التي وقعت في فندق بمراكش سنة 1994 وحجز أسلحة في أماكن أخرى، لكن هذه المرة سيضرب الإرهاب بأدواته الجديدة، أي التفجيرات الانتحارية، التي ظهرت أول مرة في باكستان وذهب ضحيتها مؤسس الجهاد العالمي عبد الله عزام.
حينها تم اعتقال عدد من الأشخاص كان أغلبهم محسوبين على “التنفيذ”، وكان منهم من اعتقل بالخطأ، لكن منهم “شيوخ ومنظرون” أو دعاة على درب الإرهاب، وهم من توفرت لهم ملكة التقاط ما يتم استيراده من الشرق وتحويله إلى منتوج قابل للاستهلاك، وتصريف تلك الفتاوى، القاضية بالقتل محليا، وفعلا هذا الذي كان.
قضى الشيوخ والمنظرون والدعاة سنوات من السجن وخرجوا إلى أرض الله الواسعة. منهم من اختفى ومنهم أصبح متطرفا في الحداثة متبنيا نوعا من “التنوير الوقح”، لكن الذي يجمع بينهم هو الادعاء “الفاحش” بتبني المراجعات. عن أية مراجعات يتحدث هؤلاء؟ وعن أي تنوير يتكلمون؟
المراجعات تقتضي أن يمتلك هؤلاء أفكارا أولا تتم مراجعتها وتهذيبها، ولكن المعروف عن هؤلاء أنهم مقلدة غير منتجين للأفكار، وكل ما وقع أنهم داخل السجن بدأت فكرة “الجهادية” تبرد في أذهانهم، فزعموا المراجعات.
نعرف منهم من ظل على حاله بعد خروجه من السجن، وبقي متشبتا بتلك الأفكار، لكن بعد فترة قصيرة انقلب الأمر وكأن صاحب الفكرة المتطرفة هو من دعاة التنوير. وذهب أحدهم مذهبا عريضا في “التنوير الزائف”.
لا يمكن لأحد لا يمتلك أفكارا أن يزعم التجديد في تلك الأفكار. كيف تجدد في أفكار لم تنتجها وإنما ابتلعتها كما تبتلع الأقراص المخدرة وأدت بك إلى الهلوسات، تم تأتي فترة من الزمن وتتبنى توجها آخر مرتبطا بفشل الفكرة الأولى لا بتغييرها وتدعي التجديد الديني.
واحد من شيوخ السلفية الجهادية بدأ بدعوى التجديد الديني وأنهاها بالتشكيك في الدين أصلا. الأمر طبعا يهمه، ولكن ما يهمني هنا هو أن التجديد الديني هو “تثوير” للنص وتفجير معانيه حتى يكشف عن دلالات جديدة. لكن هؤلاء كلما سمعوا صيحة تبنوها وساعدهم على ذلك مجموعة “التنوير الوقح”، التي لا علاقة لها لا بالتجديد الديني ولا بالتنوير بمفاهيمه الغربية، ولكن كل ما يملكون هو ترديد بعض المحفوظات بل أحيانا ترديد كلاما مناقضا للتنوير والتجديد نفسه.
فليست الوقاحة من جنس التجديد ولكنها مجرد جرأة و”سنطيحة” لا تفيد ويمكن استغلالها سياسيا أحيانا لكن لا يمكن أن تصنع مسارا فكريا.
المراجعات جزء من عملية التفكير، فالمفكر هو من لا يستقر على بر ولا يثق في فكرة وبالتالي هو دائم المراجعة أما هؤلاء فمقلدة يرددون بشكل بئيس ما يصدر في الشرق.

Exit mobile version