Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

70 بالمائة من المغاربة يطالبون بمنع التسول

كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في إطار إعداده لرأي حول “ممارسة التسول بالمغرب”، أن 70 في المائة من المشاركين في الاستشارة يؤيدون منع هذه الظاهرة، ووفق نتائج الاستشارة التي تم إنجازها عبر المنصة التفاعلية للمجلس “أشارك”، فإن 99 في المائة من المشاركات والمشاركين يَعتبرون التسول “ظاهرة اجتماعية خطيرة”، ويربطون أسباب هذه الخطورة بكون التسول يؤثر على اتساع رقعة الفقر ويمس كرامة الشخص ويهدد النظام العام وينطوي على مخاطر الاستغلال من طرف الشبكات الإجرامية، وصرح 67 في المائة بأنهم يعطون الصدقة للمستولين، بدوافع مختلفة؛ منها ما هو ديني، وما هو اجتماعي وثقافي، وأحيانا بداعي الخوف.
وذكر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنه يُستفاد من البحثيْن الوطني والجهوي حول التسول، اللذين أجريا على التوالي سنة 2003 وسنة 2007، وكذا الاستشارة المواطنة التي أنجزها المجلس، أن التسول “يرتبط بشكل وثيق بالفقر والهشاشة”، وأنه يُنظر إليه باعتباره “ظاهرة اجتماعية خطرة”.
وحسب نتائج البحث الوطني الذي أنجز سنة 2007، فإن الفقر يأتي على رأس الأسباب التي صرّح المشاركون في البحث بأنها دفعتهم إلى التسول، بنسبة 51.8 في المائة، تليه الإعاقة بنسبة 12.7 في المائة، ثم المرض بنسبة 10.8 في المائة، فالإكراه على التسول بنسبة 4.70 في المائة، وبالرغم من أن القانون الجنائي يجرّم التسول، فإن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سجّل مجموعة من الملاحظات على العقوبات المنصوص عليها في النص القانوني المذكور، معتبرا أنه يتّسم بضعف فعليّته، ولا يتوافق، في الشق المتعلق باستغلال الأطفال في التسول، مع مبادئ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، ويثير تساؤلات حول مدى احترامه للحقوق الاقتصادية والاجتماعية”.
وينص الفصل 326 من مجموعة القانون الجنائي على أنه “يُعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر من كانت لديه وسائل التعيُّش أو كان بوسعه الحصول عليها بالعمل أو بأية وسيلة مشروعة، ولكنه تعوّد ممارسة التسول في أي مكان كان”.
و افاد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن هذا الفصل يطرح إشكالية “لكونه يتحدث عن عناصر يصعب تقييمها بشكل موضوعي”، متسائلا عن “ما هو التعريف الذي يمكن اعتماده اليوم لمعنى العيش وضمان الحاجيات”، و”كيف يمكن تكوين قناعة موضوعية حول قدرة أو عدم قدرة شخص على العمل”، و”هل إيجاد “العمل” يتوقف فقط على إرادة الشخص أو على قابلية التشغيل لديه”، و”هل يمكن أن نحمّله “جنائيا” مسؤولية نقص فرص الشغل”.
واعتبر المجلس أن إنفاذ الفصل 326 من مجموعة القانون الجنائي “من شأنه أن يؤدي إلى الوصْم والتمييز ضد جميع المتسولين كـ”جناة مفترضين” يمكن توقيفهم، في انتظار إجراء بحث قضائي يحدد ما إن كانت لديهم وسائل للعيش أم لا”.
ولفت المجلس إلى أن المتابعات القضائية المتعلقة بالتسول في المغرب “تؤكد صعوبة الحد من هذه الظاهرة من خلال المقاربة الزجرية”، حيث يبقى عدد المتابعات القضائية منخفضا مقارنة بالأشخاص الذين تم توقيفهم من قبل مصالح الأمن.
وبلغ عدد الموقوفين من قبَل مصالح الشرطة في إطار محاربة التسول 44 ألفا و260 شخصا في سنة 2022، مقابل 28 ألفا و597 شخصا في سنة 2021، و12 ألفا و590 شخصا في سنة 2020، حسب المعطيات الصادرة عن رئاسة النيابة العامة.
وسُجل ارتفاع في عدد القضايا المتعلقة باستغلال الأطفال في التسول، منتقلا من 64 قضية في سنة 2017 إلى 127 قضية في سنة 2022، تُوبع فيها 131 شخصا، وبلغ عدد ضحاياها من الأطفال 154 ضحية؛ 78 منهم ذكور و76 إناثا.
وخلص المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى وجود الحاجة إلى “اعتماد مقاربة أخرى من شأنها أن تُخرج “التسول” من دائرة مجموعة القانون الجنائي، مع الحرص على الاحتفاظ بالعقوبات المتعلقة بالأفعال الإجرامية الفردية أو الجماعية التي تُرتكب تحت غطاء التسول

و قال أحمد رضا الشامي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن التسول ظاهرة اجتماعية معقدة، من حيث أسبابها الظرفية والبنيوية وأبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وأشار الشامي في اللقاء الصحفي الذي نظمه المجلس الأربعاء بمقره بالرباط، لعرض تفاصيل رأيه حول “مجتمع خال من التسول” أن رصد هذه الظاهرة المعقدة ومعالجة آثارها السلبية والخطيرة أحيانا، يحتاج إلى تعبئة الذكاء الجماعي.
وأكد أن دراسة المجلس لهذه الظاهرة وتسليط الضوء عليها، يستند لكون هذه الممارسة لا مكان لها ضمن طموح الدولة الاجتماعية التي تسعى بلادنا إلى إرسائها بشكل تدريجي وبناء على أسس استراتيجية ومستدامة.
واعتبر أن هذه الممارسة تمس بالدرجة الأولى فئات هشة بحاجة إلى الحماية من كل استغلال أو متاجرة وخاصة الأطفال والنساء والمسنون والأشخاص في وضعية إعاقة، خاصة مع ما يعنيه التسول من انتهاك للكرامة الإنسانية وللحقوق الأساسية للأشخاص الذين يمارسونها.
ولفت الشامي إلى أن انتشار هذه الظاهرة في الفضاءات العمومية من شأنه أن يمس بالنظام والأمن العام وبصورة المغرب في الداخل والخارج، وأضاف أنه بالرغم من غياب الدراسات المعمقة والمعطيات الإحصائية المحينة والشاملة حول حجم التسول في المغرب، وهو ما يشكل عائقا كبيرا أمام السياسات العمومية الرامية لمحاربة هذه الظاهرة بشكل فعال.
وسجل أن آخر دراسة حول حجم التسول أجريت سنة 2007 وهو ما يطرح عدة مشاكل في سن واعتماد السياسات العمومية، وأبرز أن الثمثلات الفردية والجماعية المسنودة ببعض الأبحاث الاجتماعية تذهب في اتجاه تزايد هذه الظاهرة واستفحالها، خاصة بعض الأزمة الصحية لكوفيد 19 وتداعياتها المتواصلة على الاقتصاد والشغل والقدرة الشرائية واتساع قاعدة الفقر والهشاشة، إضافة إلى عوامل أخرى تدفع ببعض الأشخاص نحو آفة التسول مثل تلاشي التضامن الأسري، والطلاق أو فقدان المعيل بالنسبة للنساء، وتدني المستوى الدراسي والتكويني، وتراجع قيم التضامن العائلي، والوضعية الصحية والبدنية والإعاقة.

Exit mobile version