ربما يتفق الجميع على أن نجاح قصة أسود الأطلس، و التي دونوها بحروف من ذهب في صفحات التاريخ، لم تكن لتنجح في غياب جماهيره و أنصاره، و لم تكن لتكتمل دون مساندة من آلاف الحناجر التي شكلت بنزين استمرار قتالية اللاعبين في أراضي ملاعب قطر الرياضية، نجاح لم يكن له أن يكتب لولا ثقة الشعب و دعمه لمنتخبه، و لولا اتحاد المغاربة و وقوف الجماهير وقفة رجل واحد، و اتفاقهم على كلمة واحدة “سير، سير، سير…” لما حقق الأسود أمجاده التي ولج بها التاريخ.

و لعل العمل بوصية المدرب وليد الركراكي (ديرو النية) التي أثرت في المخيال الجماعي للشعب المغربي، و وثوقنا في أنفسنا و طاقاتنا، و إعطاء الفرصة للاعبين المحليين، و اللعب في أرض قطر العربية، وسط حضور جماهيري مكثف، إضافة إلى الاتحاد الذي شاهدناه جميعا بين المغاربة فيما بينهم، و بين المغاربة و العرب في كثير من الأحيان، هو سر النجاح التاريخي للمنتخب المغربي، ببلوغه المربع الذهبي، في أكبر حدث كروي (بطولة كأس العالم 2022).

السر أيضا يكمن في القتالية الذي أظهرها جيل هذا العصر (حكيمي، و زياش، و بونو…)، للدفاع عن الراية المغربية، و لإسعاد شعب افتقر للفرح و الغناء، و الافتخار بمنتخب بلاده منذ إنجازات بادو الزاكي و رفاقه سنة 1986. دون أن ننسى حبهم الكبير للوطن، و الذي تظهره دموع الفرح بعد انتصارهم، و أيضا براعة المدرب وليد الركراكي الذي كان صعب المراس، و تصدى لعمالقة الكرة العالمية (كرواتيا، بلجيكا، إسبانيا، البرتغال…)، و الأهم هنا هو أن الأمر يتعلق بمدرب مغربي الأصل، أحيا روحا جديدة في نفوس اللاعبين لتمثيل المنتخب المغربي بشكل مشرف يليق بمكانته و تاريخه.
و لعل ما تم ذكره في بداية المقال، تزكيه تصريحات الناخب الوطني وليد الركراكي، الذي اشتهر بحبه للجماهير و تفاعله معها أثناء المباريات و عند انتهائها، إذ اعتاد أن يهدي كل انتصار يحققه إلى الجماهير المغربية، عرفانا منه بالدور الكبير الذي تلعبه، بل إن كرة القدم عموما من دون حماس الجماهير، التي تؤثت مدرجات الملاعب، لا يكون لها “معنى”، أو على الأقل تصير أقل جاذبية، و أقرب ل”مهزلة جماعية” منها إلى لعبة تستأسر عقول الناس، و تنسيهم خلال 90 دقيقة واقعهم و أوضاعهم المعاشة.