عندما نتأمل في التاريخ، تنبثق من الأعماق سيول الذكريات والأحداث التي تظل عالقة في الأذهان، مشاهد ولحظات طبعت مراحل زمنية مختلفة.
وفي عالم الرياضة المغربية، تبقى بعض اللحظات مميزة، تحمل طابعًا خاصًا لا يُنسى، وفي شهر رمضان، تأتي سلسلة “رحلة رياضية رمضانية ” لتأخذنا في رحلة عبر تاريخ الرياضة المغربية والعالمية، لتنعشنا بذكريات الفرجة والإثارة التي لا تزال حاضرة في قلوبنا.
يُعد ديربي الإياب لموسم 2005/2006 بين الوداد والرجاء واحدًا من أكثر المباريات إثارة في تاريخ المواجهات بين الغريمين، كونه من الديربيات النادرة التي كان من الممكن أن تحسم لقب البطولة لفريق على حساب الآخر.
كانت المباراة مؤجلة عن الجولة 25 من الدوري المغربي، ودخلها الوداد وهو في صدارة الترتيب بفارق 9 نقاط عن أقرب ملاحقيه، الجيش الملكي وأولمبيك خريبكة، و12 نقطة عن الرجاء. وكان الفريق الأحمر بحاجة إلى التعادل فقط لضمان التتويج باللقب الذي غاب عن خزائنه منذ 1993، فيما كان الرجاء يسعى للفوز للحفاظ على بصيص الأمل في المنافسة.
مع انطلاق المباراة، فرض الرجاء، بقيادة المدرب أوسكار فيلوني، أسلوبه الهجومي باحثًا عن هدف ينعش حظوظه، بينما اكتفى الوداد، بقيادة البرتغالي خوسيه روماو، بتأمين دفاعه وانتظار الفرصة المناسبة. ومع بداية الشوط الثاني، حصل المالي موديبو مايغا على ركلة جزاء ترجمها جريندو إلى هدف، ليُشعل مدرجات “الماغانا” التي بدأت تحلم بعودة فريقها للسباق نحو اللقب.
سارت المباراة نحو نهايتها دون أحداث استثنائية، حتى جاءت اللحظة التي غيرت مجرى الديربي. في الوقت بدل الضائع، أطلق هشام اللويسي قذيفة قوية من خارج منطقة الجزاء لم تمنح الحارس إسماعيل كوحا أي فرصة للتصدي، لتنفجر فرحة الجماهير الودادية داخل الملعب.
لم تكد صافرة الحكم تُعلن النهاية حتى انطلقت احتفالات الوداد بلقب طال انتظاره، حيث غمرت الفرحة نصف الملعب المخصص لأنصاره، بينما غادر أنصار الرجاء مدرجاتهم بصمت، ليظل هذا الديربي محفورًا في ذاكرة الكرة المغربية كواحد من أكثر المباريات إثارة وحسمًا.