عندما نتأمل في التاريخ، تنبثق من الأعماق سيول الذكريات والأحداث التي تظل عالقة في الأذهان، مشاهد ولحظات طبعت مراحل زمنية مختلفة.
وفي عالم الرياضة المغربية، تبقى بعض اللحظات مميزة، تحمل طابعًا خاصًا لا يُنسى، وفي شهر رمضان، تأتي سلسلة “رحلة رياضية رمضانية ” لتأخذنا في رحلة عبر تاريخ الرياضة المغربية والعالمية، لتنعشنا بذكريات الفرجة والإثارة التي لا تزال حاضرة في قلوبنا.
في 2 نونبر 2002، احتضن مجمع الأمير مولاي عبد الله في الرباط نهائي كأس العرش لموسم 2000، والذي جمع بين نهضة سطات، الفريق ذو الخبرة الكبيرة، ومجد المدينة، الذي كان ينشط آنذاك في الدرجة الثانية.
ترشيحات مغايرة وواقع مختلف
قبل بداية المباراة، كانت كل التوقعات تصب في مصلحة نهضة سطات، نظرًا لتجربته الكبيرة مقارنة بمنافسه. لكن على أرضية الملعب، جاءت الأمور مغايرة تمامًا.
هدف مفاجئ وسيطرة غير متوقعة
دخل مجد المدينة المباراة بعزيمة كبيرة، وتمكن في الدقيقة 16 من مفاجأة الجميع عبر تسديدة من هشام جويعة، استغل فيها سوء تقدير الحارس الدولي البنزكري، ليمنح فريقه التقدم في النتيجة.
رغم الضغط الذي فرضه نهضة سطات بعد الهدف، نجح مجد المدينة، المدعوم بجماهيره البيضاوية، في الحفاظ على تقدمه خلال الشوط الأول. لكن في الدقيقة 66، تمكن اللاعب الإيفواري ياحو من تعديل النتيجة، بعد استغلاله خطأ للحارس هادي الدين.
روح قتالية وصولًا إلى ضربات الحظ
كان من المتوقع أن ينهار مجد المدينة بعد تلقيه هدف التعادل، إلا أن لاعبيه أظهروا روحًا قتالية عالية، مما أجبر نهضة سطات على خوض الأشواط الإضافية، ثم اللجوء إلى ركلات الترجيح.
في النهاية، ابتسمت ضربات الجزاء للفريق البيضاوي، بعد تألق حارسه في التصدي للركلة الأخيرة، ليحقق مجد المدينة إنجازًا غير مسبوق، ويتوج بلقب كأس العرش في ليلة تاريخية لا تنسى.
إنجاز استثنائي ومسيرة متقلبة
لم يكن التتويج مجرد لقب، بل كان حدثًا استثنائيًا في تاريخ النادي، خاصة وأنه جاء من فريق ينشط في قسم الهواة. نفس السنة شهدت صعود مجد المدينة إلى القسم الثاني، حيث حاول الفريق مواصلة مسيرته الطموحة تحت قيادة مدربه أنيني، بينما كان نصر الدين الدوبلالي سعيدًا بتحقيق كأس العرش مع كل من مجد المدينة والوداد في نفس اليوم.
ورغم أن الفريق صمد في القسم الثاني لأربع سنوات، إلا أنه عاد إلى قسم الهواة في 2006، ليجد نفسه بعيدًا عن أضواء المنافسة. افتقد دفء ملعب “سطاد فيليب”، وانتقل بين ملاعب مختلفة لاستقبال مبارياته، لكنه لا يزال يحمل حلم العودة، مستمدًا القوة من ذكريات ذلك اليوم التاريخي، حيث رفع الكأس عاليًا رغم كل التحديات.