عندما نتأمل في التاريخ، تنبثق من الأعماق سيول الذكريات والأحداث التي تظل عالقة في الأذهان، مشاهد ولحظات طبعت مراحل زمنية مختلفة.
وفي عالم الرياضة المغربية، تبقى بعض اللحظات مميزة، تحمل طابعًا خاصًا لا يُنسى، وفي شهر رمضان، تأتي سلسلة “رحلة رياضية رمضانية ” لتأخذنا في رحلة عبر تاريخ الرياضة المغربية والعالمية، لتنعشنا بذكريات الفرجة والإثارة التي لا تزال حاضرة في قلوبنا
شهد مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، في يونيو 2005، واحدة من أكثر المباريات إثارة في تاريخ البطولة الوطنية، حيث التقى الرجاء الرياضي والجيش الملكي في الجولة الأخيرة من موسم 2004/2005 في مواجهة حاسمة لتحديد هوية البطل.
دخل الرجاء المباراة متصدرًا الترتيب بفارق نقطة واحدة عن الجيش الملكي، ما جعله بحاجة إلى التعادل فقط للتتويج، بينما لم يكن أمام الجيش خيار سوى الفوز.
امتلأت مدرجات “دونور” عن آخرها بجماهير الرجاء التي جاءت لتشهد تتويج فريقها، بينما احتشد أنصار الجيش الملكي في المدرجات الشمالية لدعم فريقهم في معركة الحسم.
سيناريو المواجهة.. أرمومن يحسم القمة
بدأ اللقاء بحذر من الطرفين، لكن في الدقيقة 19، نجح الجيش الملكي في افتتاح التسجيل عبر محمد أرمومن، اللاعب السابق للرجاء، الذي استغل كرة مرتدة داخل منطقة الجزاء ليهز شباك الحارس ياسين الحظ، وسط صدمة الجماهير الرجاوية.
حاول الرجاء العودة سريعًا في النتيجة، لكنه بدا فاقدًا للتركيز، ولم يتمكن من تهديد مرمى الجيش الملكي إلا عبر فرصة خطيرة أهدرها سفيان العلودي بطريقة غريبة.
مع انطلاق الشوط الثاني، دفع الرجاء بكل أوراقه الهجومية بحثًا عن هدف التعادل، إلا أن دفاع الجيش الملكي وحارسه تصدوا لكل المحاولات. وعلى عكس مجريات اللعب، عاد أرمومن في اللحظات الأخيرة ليُطلق رصاصة الرحمة بتسديدة رائعة استقرت في الزاوية البعيدة لمرمى الرجاء، مؤكدًا تتويج الجيش الملكي باللقب بعد فوزه 2-0، ليتصدر الترتيب بفارق نقطتين عن الرجاء.
فرحة عسكرية وحسرة رجاوية
مع صافرة النهاية، انفجرت فرحة لاعبي وأنصار الجيش الملكي، الذين احتفلوا بالتتويج من قلب الدار البيضاء، في مشهد نادر في تاريخ الكرة المغربية. وعلى الجهة الأخرى، خيم الحزن على المدرجات الخضراء، حيث عاشت جماهير الرجاء ليلة عصيبة بعد ضياع اللقب في آخر جولة.
كان ذلك اللقب بداية مرحلة ذهبية للجيش الملكي، حيث واصل تألقه لاحقًا في المسابقات المحلية والقارية، بينما ظل سقوط الرجاء في تلك الليلة من الذكريات القاسية التي لا تنساها الجماهير الخضراء.