أكد الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني، بوبكر سبيك، في لقاء تواصلي مع خبراء التنمية نظمه المجلس العلمي الأعلى، أن شهر رمضان يشهد تراجعا ملحوظا في مؤشرات الجريمة مقارنة ببقية أشهر السنة، وأوضح سبيك أن شهر رمضان 2024 شهد انخفاضاً في عدد القضايا المسجلة بنسبة تتجاوز 28% مقارنة بشهر فبراير من نفس العام، حيث تم تسجيل 46,434 قضية زجرية، وهو ما يعكس تراجعاً ملحوظا في جميع أنواع الجرائم، بما في ذلك القتل العمد (ناقص 50%)، والاغتصاب (ناقص 31%)، والسرقات (ناقص 37% .
وأشار سبيك إلى أن هذه الانخفاضات لا تعني بالضرورة تفاقم الجريمة في رمضان، بل تعكس طبيعة هذا الشهر الكريم الذي تتسم فيه الجريمة بطابع “غير مقبول”، مضيفا أن أحد العوامل التي ساهمت في هذا التراجع يعود إلى الإجراءات الأمنية المشددة التي تُتخذ في هذا الشهر، إلى جانب تأثير العبادة والروحانيات التي تدفع الأفراد إلى سلوكيات أكثر تسامحا.
من جهة أخرى، أظهرت الأرقام المتعلقة بالجرائم المرتكبة في أماكن العبادة انخفاضاً في المؤشرات، حيث تم تسجيل 160 قضية في محيط أماكن العبادة، مع غياب الجرائم الخطيرة مشيرا إلى أن هذه الأماكن تظل محصنة بتأثير الخطاب الديني الذي يعزز القيم الأخلاقية ويقلل من دوافع الجنوح، وفيما يخص الجرائم المرتكبة في سياقات دينية، نوه سبيك إلى بعض الحالات الاستثنائية، مثل توقيف مواطن مغربي من الديانة اليهودية لارتكابه جرائم خطيرة خلال عيد كيبور.
وأطلق المجلس العلمي الأعلى أول مبادرة تواصلية مع وزراء وخبراء ومسؤولين في مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة الأمنية، وحسب سعيد شبار، الكاتب العام للمجلس في افتتاح اللقاء تواصلي الذي نظمه المجلس العلمي الأعلى، الأحد، بمقر المجلس بالرباط، إن هذه تجربة أولى لاستماع العلماء للخبراء، وهم يتحدثون من منطلق السؤال المطروح عليهم حول دورهم في التبليغ، لذلك فإن العلماء بعد الاستماع والنظر المتفحص في الأفكار سيقترحون الكيفيات التي يمكن أن يستمر بها هذا الحوار غير المسبوق.
و دعا محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، العلماء المغاربة إلى التدخل بشكل فاعل لتوجيه صناع المحتوى الرقمي وحثهم على الكف عن نشر التفاهة والمساس بالمقدسات والقيم الأخلاقية للمجتمع وخلال لقاء تواصلي نظمه المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الأحد، أكد عبد النباوي أن المشهد الرقمي بات يعجّ بـ”المنكرات ونشر الفواحش، والزور والبهتان”، مشددًا على أن مواجهة هذه الظواهر لا يمكن أن تقتصر فقط على الإجراءات القانونية، لكون الدول لا تتحكم في البرمجيات والمنصات الرقمية التي تتيح لمثل هذه المحتويات الانتشار الواسع.
وأشار المسؤول القضائي إلى أن التشريعات قد تضع ضوابط قانونية لمراقبة المحتوى، غير أن هذا غير كافٍ وحده لمواجهة الظواهر السلبية التي باتت تؤثر في المجتمع، مضيفًا أن الحل يكمن أيضًا في دور العلماء والهيئات الدينية، من خلال توعية الشباب وتوجيه الرأي العام نحو محتوى يرسخ القيم والأخلاق.
و دعا عبد النباوي العلماء المغاربة إلى الاضطلاع بدورهم التوجيهي، والتأثير في الوعي الجماعي، عبر حملات توعوية قوية تهدف إلى توجيه المجتمع نحو نبذ التفاهة والمحتويات التي تهدم القيم الأخلاقية، وتشجيع المحتويات الهادفة التي تعكس هوية المجتمع المغربي وتقاليده وأضاف عبد النباوي أن مكافحة هذه الظاهرة تتطلب انخراطًا شاملاً من مختلف الأطراف، بما في ذلك المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية، مشيرًا إلى أن غياب التأطير الديني والتربوي يجعل الفضاء الرقمي مفتوحًا أمام المؤثرين الذين يسيئون استخدام منصاتهم ويؤثرون سلبًا في فئة واسعة من الشباب.
وخلص الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى أن على المجتمع بأسره، بما في ذلك العلماء والمؤسسات التعليمية والفعاليات الثقافية، أن يعمل بشكل تكاملي لمواجهة تفشي التفاهة، من خلال تعزيز خطاب تربوي وأخلاقي يواكب التغيرات الرقمية السريعة، ويحصّن الأجيال القادمة من التأثيرات السلبية للمحتوى غير الهادف.
تأتي هذه الدعوة في وقت تشهد فيه مواقع التواصل الاجتماعي انتشارًا واسعًا لمحتويات تتسم بالسوقية والتفاهة، والتي تلقى نسب مشاهدة عالية، ما يطرح تساؤلات حول مدى وعي المجتمع بضرورة التصدي لهذه الظاهرة. في المقابل، يواجه المحتوى الهادف تحديات في الوصول إلى الجمهور، ما يستوجب وضع استراتيجية وطنية شاملة تجمع بين القانون والتأطير الديني والثقافي، لضبط المشهد الرقمي وتوجيهه نحو ما يخدم القيم الأخلاقية والاجتماعية.
من جهته قال الوزير المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، إن الغش الذي قد يظهر كسلوك فردي معزول، يمثل في الحقيقة أحد أبرز العوائق التي تقف أمام مسيرة المجتمع نحو التنمية والتقدم. وأضاف لقجع أن هذا السلوك يقوض مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين، وأكد الوزير خلال لقاء تواصلي نظمه المجلس العلمي الأعلى الأحد بمقره بالرباط أن هذه الظاهرة تنتشر في العديد من القطاعات، مثل الأسواق والمكاتب، وتطال أيضا المواطنين الذين يختبئون تحت ظلال القطاع غير المهيكل أو الاقتصاد الموازي. وكشف لقجع أن الغش لا يقتصر على صغار المتعاملين، بل يشمل أيضا كبار المستثمرين الذين يعملون في مجالات غير مرخصة، مما يضر بالاقتصاد الوطني ويؤثر على النمو، وأكد المتحدث على أن الغش من أخطر السلوكات التي تنعكس على الدولة ككل والمجتمع، والذي قد يرتكبه مسؤول ما في جماعة أو إدارة عمومية أو يرتكبه مواطن حين يتحايل أو يتملص من أداء حقوق الجماعة ويتورط في الغش الجبائي.
وأشار المسؤول الحكومي ذاته إلى أن هذه السلوكيات لا تقتصر على بعد أخلاقي فقط، بل لها كلفة مالية وتنموية كبيرة تؤثر في المجتمع ككل. فالغش يعطل المشاريع الكبرى والسياسات العمومية المبرمجة ويمنع من تبني سياسات جديدة أكثر نفعًا للمواطنين. من هنا، شدد على ضرورة تجنب هذه التصرفات التي تعيق تحقيق العدالة الاجتماعية، وضرورة تحفيز المواطنين على الالتزام بالقوانين.
وفي إطار التصدي لهذه الممارسات، أوضح لقجع أن المشرع قد أوجد الإطار القانوني المناسب للتعامل مع الغش وردع المتورطين فيه. كما أكد أن التدخلات الحكومية لا تقتصر على الإكراه، بل تشمل المراقبة الدقيقة والمواكبة الفعالة من أجل ضمان تنفيذ المشاريع وتنظيم العمل في مختلف القطاعات.
ويرى لقجع أن تدخل العلماء الأجلاء يعد أمرا بالغ الأهمية، من أجل تجسيد القيم القرآنية وتوضيحها بما يسهم في تعزيز الفهم الصحيح لهذه القيم، وتوسيع مفهوم العدالة ليشمل جميع جوانب الحياة. فبدلا من أن ينظر المواطن البسيط إلى العدالة على أنها مجرد مظلومية، يجب أن يفهم أنها منظومة شاملة يمكن أن تشمل أحيانا تصرفات الأفراد الذين يساهمون في تقويض العدالة، مثل أولئك الذين يمارسون الغش والجشع ويعتدون على حقوق الآخرين، وشدد المتحدث على ضرورة تدخل العلماء لاستئصال السلوكيات السلبية استنادا إلى قيم القرآن الكريم، مؤكدا على على أن الأخلاق ليست مجرد معيار للنقاء الفردي، بل هي مجموعة من القيم التي تتعلق بالتعاملات اليومية، وتُجسد بشكل خاص في سلوك المواطن الذي يؤثر على الشأن العام.