انتفضت المعارضة بمجلس النواب ضد عزيز أخنوش رئيس الحكومة، منتقذين خطابه حول دعم الثقافة بالمغرب بدون رؤية ياسية و الاقتصار على التطلعات وبرامج لا زالت حبرا على ورق، معتبرين أن كلام أخنوش جيد لكن غير مرتبط بالفعل، فيما اعتبر نواب من المعارضة أن ” احترام الدستور ثقافة، واحترام الرأي الأخر ثقافة، مسجلة وجود محاولات غير دستورية، لعرقلة عقد الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة، وفق ما هو منصوص عليه في الدستور.
وشددت المعارضة ، خلال الجلسة الشهرية المخصصة لأسئلة السياسة العامة، التي يجيب عنها رئيس الحكومة، على ” أن النزاهة والشفافية والديمقراطية ثقافة كذلك، وأن محاربة الفساد والريع، ومحاربة المحسوبية والرشوة، ومحاربة شراء الذمم واستغلال النفوذ ثقافة ايجابية، مؤكدة أن وزواج المال والسلطة ثقافة أيضا، يجب القطع معها، واعتبرت أن عددا من المغاربة، يعيشون الاستلاب الثقافي، موضحة أن الهوية الثقافية واللغوية والأخلاقية للمغاربة، تعاني من التهميش ومحاولات التطاول والطمس، مبينة أن نتيجة كل هذا هي الانتكاسات المتتالية في الثقافة وفي السياسة وفي الرياضة، منبهين الى ضعف ميزانية القطاع الثقافي بـ 0،3 من الناتج الخام”.
من جهته انتفض عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، على طريقة تسيير رئيس مجلس النواب، للجلسة الشهرية لرئيس الحكومة ، معبرا عن رفضه توجيه رئيس الجلسة عبارات جارحة لأحد النواب بالقول “كل إناء بما فيه ينضح”، وأكد رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، في نقطتي نظام خلال الجلسة المذكورة، أن هذه الطريقة شابتها مخالفات للدستور، وللنظام الداخلي للمجلس.
وأبرز رئيس المجموعة، أن المحكمة الدستورية، سبق لها أن أوضحت في قرارها حول النظام الداخلي لمجلس النواب، لا سيما في التعليق على المادة 152، أن أعضاء البرلمان الذين يستمدون نيابتهم من الأمة بموجب الفصل 60 من الدستور، متساوون في ممارسة الحقوق التي يخولها لهم الدستور، وأضاف بووانو أن المادة 154 من النظام الداخلي، تشرح كيف أن لرئيس الجلسة، أن يتخذ في حق كل نائبة أو نائب خرج عن الموضوع المأذون له فيه الكلام، أو تكلم بدون إذن أو تجاوز الوقت المحدد له، عدد من الإجراءات الواردة بالترتيب، مشددا على أنه لا يحق لأحد، سوى الرئيس، أن يتوجه للقاعة بالكلام والتذكير بالنظام.
من جهته أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ، أن الحكومة ستعمل على إعداد استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحديد التوجهات الرئيسية للمغرب في المجال الثقافي، وذلك انطلاقا من تشخيص الوضع الثقافي الوطني وبلورة رؤية استراتيجية تروم النهوض بالقطاع وإعداد إطار مؤسساتي وقانوني لمواكبة هذه الرؤية.
وقال أخنوش، في معرض رده على سؤال محوري حول “الإشعاع الثقافي الوطني ودعم الاقتصاديات الثقافية” خلال جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة بمجلس النواب، إنه سيتم في إطار نفس الإستراتيجية، خلال الأيام القادمة، تنزيل مجموعة من الإجراءات الواقعية الرامية إلى ضمان الحقوق الثقافية لكل المواطنين، وتعزيز المشاركة الفعلية للشباب والأطفال والنساء والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة في الممارسات الثقافية، وبناء أسس العيش المشترك والتطور المجتمعي.
وأشار إلى أن من ضمن هذه الإجراءات إحداث علامة “تميز” لمختلف مكونات التراث الثقافي الوطني، فضلا عن علامة تميز تحت إسم “متحف المغرب” تمنحها المؤسسة الوطنية للمتاحف لأصحاب المتاحف الخاصة وفق دفتر تحملات، مضيفا أن الحصول على هذه العلامة يخول الاستفادة من إعانات مالية تمنحها الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية، وعلى الدعم العلمي والتقني للمؤسسة الوطنية للمتاحف، وإمكانية إدراج المتحف المعني ضمن المسارات السياحية المبرمجة لفائدة السياح، كما يمكن، على ضوء الحصول على هذه العلامة، اقتراح ترتيب المتحف ضمن التراث الثقافي الوطني أو الدولي، وكذا إمكانية الاستفادة من نظام جبائي تحفيزي.
ومن ضمن الإجراءات أيضا، يقول رئيس الحكومة، تعزيز البنية التحتية الثقافية وتقليص الفوارق المجالية على مستوى تغطية التراب الوطني بمؤسسات القرب الثقافي وتنويع العرض الثقافي، وتطوير اقتصاديات الثقافة في مجالات الإبداع والفنون والتراث بتنسيق مع الشركاء الوطنيين والدوليين، وتشجيع المهن الجديدة التي تمكن من تشغيل الشباب في كل المجالات الثقافية، بتعاون مع مختلف الفرقاء، وذلك من خلال دعم الصناعات الثقافية في مجالات المسرح والكتاب والنشر والموسيقى والفنون الكوريغرافية والفنون التشكيلية والبصرية والجمعيات الثقافية والمهرجانات والتظاهرات، مع إطلاق مبادرات تهدف إلى خلق مناصب شغل للشباب، عبر إحداث شراكات بين المراكز الثقافية ودور الشباب التابعة للوزارة والشباب حاملي المشاريع الثقافية عبر البرنامجين الحكوميين “أوراش” و”فرصة”.
وتابع أنه سيتم كذلك تنظيم تظاهرة مسرحية سنوية تحت شعار “المسرح يتحرك”، تهدف إلى تصوير ستين (60) عملا مسرحيا واقتناء حقوق بثها عبر قنوات الشركة الوطنية وعبر المنصة الرقمية لقطاع الثقافة.
وفي إطار الورش الوطني المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية لمختلف فئات الشعب المغربي، أبرز السيد أخنوش، أنه يتم العمل حاليا على استكمال إجراءات الحماية الاجتماعية للفنانين، حيث يجري إعداد المرسوم المتعلق بتمكين فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا فيما يتعلق بالمهن الفنية من الاستفادة من الحماية الاجتماعية، مشيرا إلى أنه يتم أيضا إعداد مشروع قانون لإحداث وتنظيم مؤسسة لرعاية الفنانين والمبدعين المغاربة يشرف عليها الوزير ﺗتمتع ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ واﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﻤﺎﻟﻲ، وتهدف إلى اﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻷوﺿﺎع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻤﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﻴﻦ واﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ وتكريمهم واﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﻬﻢ واﻹﺷﺎدة واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺈﻧﺠﺎزاﺗﻬﻢ، وﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻔﺎﺋﺪﺗﻬﻢ وﻟﻔﺎﺋﺪة ذوي ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ، وﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻤﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ وﺿﻌﻴﺔ ﻫﺸﺎﺷﺔ، مع اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ اﻟﺘﻮازن ﺑﻴﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻋﺘﺒﺎري واﻟﻮﺿﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻤﺒﺪع واﻟﻤﺜﻘﻒ.
واعتبارا للدور الذي تلعبه الديبلوماسية الثقافية في تسويق صورة المغرب عالميا، يقول السيد أخنوش، فإن الحكومة ستعمل وفق التوجيهات الملكية على تقوية العمل الرامي إلى ضمان الترويج للنموذج المغربي، الذي يستمد قوته وغناه من الإصلاحات الديمقراطية العميقة التي تعرفها المملكة بقيادة جلالة الملك، والتعريف بالأوراش التنموية الكبرى التي يشهدها المغرب في كل المجالات، ولا سيما مجال التنمية البشرية وتطوير السياحة والتنمية المستدامة والطاقات المتجددة. وأضاف أن الحكومة ستسعى لتقوية حضور الثقافة المغربية وراء الحدود؛ وهو ما يحتاج إلى استغلال كل الفرص والمؤهلات التي تتوفر عليها المملكة، بدءا من تعزيز أدوار الجالية المغربية بالخارج، بالإضافة إلى دعم أدوار المؤسسات والهيئات الرسمية الممثلة لها وجمعيات المجتمع المدني للمغاربة بمختلف المدن العالمية، لضمان المزيد من الإشعاع للثقافة المغربية في الخارج وعكس مظاهر التعدد والتنوع التي تطبع الثقافة والمجتمع المغربي.