تشهد القارة الإفريقية سباقًا استراتيجيًا بين المغرب والجزائر لإنجاز مشاريع ضخمة لنقل الغاز نحو أوروبا، حيث يعمل البلدان على تعزيز شراكاتهما الدولية لضمان مكانة محورية في سوق الطاقة العالمية.
ففي الوقت الذي يواصل فيه المغرب إحراز تقدم في مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري، كثفت الجزائر جهودها لتسريع مشروع الأنبوب العابر للصحراء، الذي يربطها مع نيجيريا عبر النيجر.
وفي خطوة جديدة ضمن هذا السباق، وقّعت الجزائر، يوم الثلاثاء، ثلاث اتفاقيات جديدة مع نيجيريا والنيجر تتعلق بمشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، شملت دراسة الجدوى والتعويضات المالية، دون الكشف عن تفاصيل دقيقة حول مضمون الاتفاقيات. وجاء ذلك خلال اجتماع جمع وزراء الطاقة للدول الثلاث في الجزائر العاصمة، حيث أكد وزير الطاقة الجزائري، محمد عرقاب، أن بلاده ملتزمة بإنجاز المشروع في أقرب الآجال، مشيرًا إلى أن الدراسات الجارية تهدف إلى تحديث الجدوى الاقتصادية ووضع جدول زمني واضح لإنجازه بتكاليف تنافسية.
وتراهن الجزائر على مشروعها لإمداد الأسواق الأوروبية بالغاز، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الإمدادات التقليدية بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، غير أن المشروع يواجه عقبات معقدة، أبرزها الوضع الأمني غير المستقر في منطقة الساحل، حيث تنشط جماعات مسلحة تشكل تهديدًا محتملاً لسلامة الأنبوب الذي سيعبر الأراضي النيجرية لمسافة طويلة قبل أن يصل إلى الجزائر.
على الجانب الآخر، يواصل المغرب تعزيز مكانته في مجال الطاقة، حيث أدرج مؤخرًا مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري ضمن رؤية مبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، التي تهدف إلى تحويل الواجهة الأطلسية للقارة إلى محور اقتصادي متكامل. ويحظى هذا المشروع بدعم متزايد من الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، ما يجعله خيارًا أكثر استقرارًا وأمانًا مقارنة بالمشروع الجزائري العابر للصحراء.
وفي هذا السياق، شدد رئيس مجلس النواب المغربي، راشيد الطالبي العلمي، على أهمية المبادرة الأطلسية، مشيرًا إلى أنها تتيح للدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي فرصًا اقتصادية كبرى، وتنسجم مع رؤية المغرب لتعزيز الشراكات القارية. ويراهن المغرب على بنيته التحتية القوية، التي تشمل موانئ كبرى مثل ميناء طنجة المتوسط وميناء الداخلة المستقبلي، إلى جانب مشاريع الربط الطرقي، ما يجعله وجهة جذابة للاستثمارات في مشروع الأنبوب الأطلسي.
مع تصاعد المنافسة بين المشروعين، يظل العامل الحاسم هو قدرة كل طرف على جذب التمويلات اللازمة وإقناع الشركاء الدوليين بجدوى مشروعه. فالجزائر تحاول إعادة إحياء مشروعها الذي يعود إلى عام 2009، لكنه ظل متعثرًا بسبب تحديات مالية وأمنية، بينما يواصل المغرب توسيع دائرة الدعم الدولي لمشروعه، مستفيدًا من استقراره السياسي والاقتصادي، فضلًا عن موقعه الاستراتيجي كجسر بين إفريقيا وأوروبا.، إلى جانب الدعم الأوروبي الكبير للمشروع.