تستعد غرفة الجنايات الابتدائية بقصر العدالة بالرباط للنظر في قضية مثيرة تتعلق بعصابة يقودها رجل أمن برتبة مقدم شرطة، والمتهمين بارتكاب جرائم اعتقال تحكّمي، والسرقة الموصوفة، والاحتيال.
ومن المقرر أن تعقد الجلسة يوم 24 فبراير الجاري، وسط اهتمام كبير بتفاصيل هذه القضية التي كشفت تحقيقات مكثفة عن تورط عناصر أمنية في ممارسات غير قانونية.
انطلقت التحقيقات بعد تلقي مصالح أمن سلا شكاية من تاجر لمواد التجميل والزيوت، أفاد فيها بتعرضه لمداهمة غير قانونية من قبل رجال أمن، بدعوى شرائه زيت زيتون مسروق. إلا أن الضحية سرعان ما أدرك أن الأمر كان مجرد فخ مدبّر بتنسيق بين تاجر منافس وشرطي وشريك ثالث.
بدأت الحيلة عندما قدم أحد المتهمين إلى متجر الضحية وعرض عليه شراء كمية من زيت الزيتون قادمة من وزان بسعر مغرٍ، حيث اقتنى التاجر 27 علبة بلاستيكية من سعة 5 لترات بمبلغ 7150 درهماً. لكن بعد يوم واحد فقط، عاد التاجر مدعياً نقص 1000 درهم من قيمة الصفقة، الأمر الذي رفضه الضحية، مما دفعه لإعادة جزء من الزيت المستلم.
بعد نحو عشرين يوماً، تفاجأ الضحية بقدوم نفس التاجر، لكن هذه المرة وهو مكبّل اليدين برفقة شخصين ادعيا أنهما من رجال الشرطة. زعم الاثنان أن الزيت الذي اشتراه مسروق وطالباه بإثبات مصدره، لكنه حينما حاول التحقق من هويتهما، قاموا بتصفيده وأجبروه على البقاء داخل متجره.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث عرضا عليه إطلاق سراحه مقابل دفع رشوة قيمتها مليونا سنتيم. وبعد مفاوضات، سلمهم الضحية 5000 درهم، مؤكداً أن هذا كل ما بحوزته.
لكن الابتزاز لم ينتهِ عند هذا الحد، إذ عاد التاجر لاحقاً ليخبر الضحية أنه أُفرج عنه مقابل 25 ألف درهم، مطالباً إياه بدفع المبلغ المتبقي، وهو 20 ألف درهم. إلا أن الضحية رفض، مشيراً إلى أن الزيت الذي اشتراه مغشوش ولم يتمكن من بيعه.
لم يكتفِ الضحية بالصمت، بل لجأ إلى القضاء، حيث قدّم شريط فيديو التقطته كاميرات المراقبة يوثق لحظة المداهمة غير القانونية لمتجره. وبتحليل التسجيلات، تمكنت السلطات من تحديد هوية المتورطين، ليتم إلقاء القبض عليهم في حي تابريكت بسلا.
وبعد التحقيق معهم، وُضع الشرطي وشريكاه رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن تامسنا، في انتظار مثولهم أمام المحكمة. وفي الجلسة الأخيرة، طلب محامو المتهمين تأجيل المحاكمة لإعداد الدفاع، ليتم تأجيلها إلى موعد لاحق.
أثارت هذه الواقعة صدمة كبيرة، نظراً لتورط عنصر أمني في ممارسات غير قانونية، وهو ما يعيد النقاش حول قضايا الفساد واستغلال السلطة.
ومع اقتراب موعد المحاكمة، يترقب الرأي العام القرار القضائي الذي سيصدر بحق المتهمين، في ظل مطالبات بتشديد العقوبات على المتورطين في مثل هذه الجرائم لضمان عدم تكرارها.