إختار “البيجيدي” نهج سياسة “التباكي”، في مرحلة ما قبل الإنتخابات، والدخول في ترتيبات سياسية جديدة تقوم على خطاب التشكي والبكاء و الإتهامات بالتضييق بعد قضاء 10 سنوات في ممارسة الحكم من داخل حكومتين متتاليتين، كما أدار الحزب الوجهة نحو الشأن الحقوقي في المغرب، ورفع خطاب المعارضة و التهجم على مجموعة من المكتسبات الحقوقية والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين وما أسموه تعزيز الديمقراطية متناسين أن الفعل الديمقراطي من كان وراء صعودهم للحكم 10 سنوات”.
وأشار محللون، الى التوجه الجديد لحزب العدالة و التنمية، يأتي على بعد شهور من الإنتخابات، مع ما يعرفه الحزب من تراجع على مستوى شعبيته وانحدار أسهمه بين الأحزاب، بفعل سياساته اللاشعبية وضربه للقدرة الشرائية للمغاربة عبر ضرائب جديدة وقوانين قاسية،
وكشف خروج حزب العدالة والتنمية، للتعبير عن أسفه لما أسماه وجود حالات استهداف يتعرض لها بعض مناضليه، والتي وصلت إلى حد الضغط على بعضهم وتخويفهم من الترشيح في لوائح حزب في بعض الأقاليم مثل الراشيدية وميدلت وشفشاون، عن نهجه الجديد في لغة التباكي و التشكي”، حيث سجل الحزب في بلاغ لأمانته العامة، أن ذلك وإن كان محدودا وطنيا فإنه لا يمنع من استنكار هذه التصرفات غير المسؤولة، وغير المقبولة والتي تتنافى مع القواعد الدستورية والسياسية المرعية، داعيا للتصدي لها بكل الأدوات السياسية والقانونية والتواصلية.
وحذر مما يمكن أن ينتج عن هذا الوضع من آثار سلبية مؤثرة على مصداقية الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وعلى الإقبال على صناديق الاقتراع، وعلى استقطاب النخب وتشجيعها على الانخراط في العمل السياسي.
ودعا الحزب السلطات المعنية لالتزام أقصى درجات الحياد خلال هذه المرحلة، وأخذ نفس المسافة من جميع الأطراف، والابتعاد عن أي شكل من أشكال التدخل في عمليات التوجيه للترشيح لصالح هذا الحزب أو ذاك، وتحمل مسؤوليتها في وقف كل أشكال التدخل القبلي في العملية الانتخابية، وأكد على ضرورة وقف بعض المتابعات التي تستهدف المنتخبين بناء على شكايات كيدية، خلال مرحلة ما قبل الاستحقاقات الانتخابية تحاشيا لشبهة التمييز والاستهداف الانتخابي لطرف على حساب آخر.
كشف العرض السياسي الجديد لحزب العدالة والتنمية، عن توجه “البيجيدي” للاستعداد للعودة للالتحاق بصفوف المعارضة، بعدما اختار الهجوم على مجموعة من المكتسبات في المغرب وتنصل من مسؤولياته في التدبير والتسيير لمدة 10 سنوات، للرجوع لممارسة نوع من التحايل على حصيلته ” المجحفة” ولعب دور المعارض، معتبرا ان ” عددا من التحديات ومظاهر القصور، التي تقتضي بحسبه مواصلة العمل من أجل البناء الديمقراطي والإصلاح السياسي والتنمية الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية، وأشار الحزب الى ” أنه من بين مظاهر القصور الإساءة إلى الاختيار الديمقراطي الذي ارتضه بلادنا ثابتا دستوريا، وتسجيل ارتداد عن المسار الديمقراطي الذي انخرطت فيه منذ عقود، وذلك باعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، مما سيساهم في إفراغ العملية الانتخابية من مضمونها الديمقراطي الذي يقوم أساسا على الاقتراع الحر المعبر عنه من خلال التصويت.
وشدد عمر الشرقاوي أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الثاني، على أنه ” اصبح الامر مقلقا ومكلفا للوطن لعبة التهرب من المسؤولية التي اضحت طاغية على افعال ومواقف رئيس الحكومة وحزبه اتجاه قضايا كبرى، فتراهم يتخذون او يساهمون في صناعة القرارات المؤلمة ويلقون باللوم على من حولهم دون تحمل نصيبهم من الكلفة السياسية، فهم لا يؤمنون بضريبة السلطة بل يرغبون فى امتيازاتها دون تحمل تكاليفها، يسعون للمناصب الحكومية رغبة فى الوجاهة الاجتماعية والمنافع المادية، دون المسؤولية عن ادائهم، باختصار يريدون أن يسبحوا في الماء دون ان تبتل ثيابهم بقطرة واحدة”.
وأكد الشرقاوي في تدوينة على صفحته على “الفايسبوك” ، ” أنهم لا يفهمون أو يفهمون ذلك ويتجاهلون عن قصد، ان مسؤولية تدبير السلطة التنفيذية والأغلبية السياسية داخل البرلمان ليست وجبة نأكل منها ما نشاء، هي التزام سياسي وأخلاقي قبل كل شيء وقدرة على تحمل النتائج المترتبة على المواقف والقرارات مهما كانت قاسية على مصالحهم الحزبية لفائدة الوطن، وتابع ” ان الأدهى من ذلك أن رئيس الحكومة وحزبه يريدان ان يرسخا في الأذهان، فكرة تشتيت للمسؤولية بمعنى ان القرارات التي مارسها في عودة العلاقات مع اسرائيل او قانون الكيف لا تنبع منه كمؤسسة دستورية، بل هو لا يعدو ان يكون عبدا مأمورا مطيعا أو مجرد رئيس حكومة كما قال سلفه بنكيران ذات يوم.
واعتبر الشرقاوي ” انه للأسف بدلا من أن يستخدم العثماني صلاحياته الدستورية في الموافقة او المعارضة على قوانين تمر أمام المجلس الذي يرأسه، نجد أنه يمارس فنا سرياليا في التهرب من المسؤولية، فلا يجد ادنى حرج كرئيس للحكومة في التوقيع على اتفاقية عودة العلاقات مع اسرائيل وفي نفس الوقت يهاجمها بقبعة الامين العام للحزب ويهنئ حماس والجهاد الإسلامي، ونجده يوافق على قانون الكيف كرئيس للحكومة ويهاجمه كامين عام، ونجده مسؤولا عن المؤسسات لكنه يهاجمها اذا مارست اختصاصاتها ضد احد من افراد قبيلته الحزبية والدعوية، وفي قلب كل التناقضات نجده يتخذ القرارات ويرمي مسؤوليتها على جهات مجهولة، أو على الاقل يغلفها بغلاف الاكراه حتى يحافظ على مكاسب الزبدة وثمن الزبدة.”.
و انتقد حزب العدالة والتنمية التركيز على التكنوقراط مقابل تهميش أدوار المنتخبين، وذلك في العرض السياسي الذي قدمه الحزب للمرحلة، وسجل الحزب بروز بوادر توجه لإفراغ اللاتمركز الإداري من مضمونه الديمقراطي، من حيث هو كونه ينبغي أن يسهم في تعزيز الجهوية المتقدمة، و التوجه نحو التركيز على التدبير التقنوقراطي وتعزيز دور المُعَيَّن على حساب المنتخب، وأيضا على مستوى الرؤية الناظمة لإصلاح المؤسسات العمومية.