أثار وزير العدل عبد اللطيف وهبي جدلاً واسعاً تحت قبة البرلمان، بعد أن رفض بشكل قاطع التعديلات المقترحة من الفرق النيابية على المادة 7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، والتي ترمي إلى توسيع حق الجمعيات في التقاضي، خاصة في قضايا الفساد ونهب المال العام.
وخلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، تمسك وهبي بشرطي الاعتراف بالمنفعة العامة والحصول على إذن بالتقاضي من وزارة العدل، معتبراً أن تخفيف هذه الشروط سيفتح الباب أمام ما وصفه بـ”الابتزاز”، مستشهداً بتوصله بشكاية مكونة من عشرات التهم ضد مسؤول كبير، اعتبرها “فارغة” وغير مسؤولة.
وقال الوزير بلغة صارمة: “المال العام ليس سائبا، السائب هو الابتزاز”، مضيفاً أن “الجمعيات لا يمكن أن تُمنح سلطة التشهير والإساءة دون ضوابط”.
لكن مكونات المعارضة داخل اللجنة هاجمت بشدة الصيغة الحكومية للمادة، معتبرة أن الشروط الموضوعة تعجيزية وتُفرغ دور الجمعيات من مضمونه الحقوقي والدستوري.
ففي هذا السياق، رأت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية أن شرط المنفعة العامة عقبة إدارية لا مبرر لها، وأن تقييد الحق في التقاضي بالإذن الإداري يتعارض مع مبادئ دولة القانون.
من جهتها، شددت البرلمانية فاطمة التامني على ضرورة تمكين النيابة العامة من تلقي التبليغات من أي جهة دون اشتراط الضرر الشخصي، لا سيما في قضايا الفساد، بينما أكدت نبيلة منيب أن تقليص حرية الجمعيات في اللجوء إلى القضاء يناقض روح الدستور ويحد من وظيفة المجتمع المدني كشريك ديمقراطي.
كما انتقدت ريم شباط المادة المقترحة واعتبرتها “محاولة التفاف” على مبدأ العدالة الشاملة، في حين وصفتها شفيقة لشرف بأنها “غير متناسبة وتشكل عائقاً مجانياً أمام الولوج إلى العدالة”.
وفي موقف لافت، أقسم الوزير وهبي أنه لن يقبل بأي تعديل يمنح الجمعيات الحق في مقاضاة المسؤولين، مبدياً إعجابه بموقف الحكومة الإسبانية التي تمنع هذا الحق بشكل مطلق.
هذا الموقف يعيد إلى الواجهة التوتر بين منطق الحماية الإدارية ومنطق الرقابة المدنية، في وقت تتصاعد فيه دعوات المجتمع المدني لتوسيع فضاءات التبليغ والمساءلة، خاصة في ملفات ذات حساسية مجتمعية كبيرة، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل دور الجمعيات في معادلة العدالة المغربية.