Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ننزه كل وطني عن لعب دور الإدعاء العام فالخطأ لا يصلحه الخطأ

دورنا الحقوقي والسياسي هو الدفاع عن قناعتنا الشخصية بإستقلال وحرية وموضوعية دون المساس بالمشترك الوطني ، أو المشترك التعاقدي ، لأن العقد شريعة المتعاقدين ؛ ودون التعسف في استعمال الحق وهامش الحرية المتاحين قانونيا ( إن كان لهما محل ) ، ودون الشطط في استعمال السلطة والصلاحيات التي يخولها لي منصبنا ومسؤوليتنا القانونية على رأس المؤسسة او الهيئة التي نمثل ، وبالتالي فإذا كان الموقف منسجما مع خيار واستراتيجية الإطار الذي نمثل فهو تعبير مؤسستي ، وجبت مجادلته نقديا ومحاججته وثائقيا ، وإذا كان شخصيا وجبت مواجهته ايضا بالحجة ولكن دون المس بالهيئة التي يرأسها أو باسرته او بجميع الأسر الحقوقية والسياسية والمدنية التي ينتمي إليها ؛ ومهما كان الموقف أو الرأي ، فلا حق لنا في مساءلته قانونيا أو المطالبة بمحاكمته قضائيا ؛ خاصة أنه في إطار أن الخطأ لا يصلحه الخطأ ؛ لا يعقل أن ننتحل صفة المدعي العام أو ننوب عن النيابة العامة في القيام بمهام المتابعة أو تحريك الدعوى العمومية تجاه أي مواطن ، فلا حق لنا ولا صفة لنا حتى في الوشاية أو التكفير أو التخوين ؛ اللهم إذا تعلق الأمر بالتبليغ عن جناية مضرة بالوطن والمواطنين ، وهذا يتطلب كثير من التعقل والتشاور وعدم التسرع ، فلكل حسب موقعه وعلاقته درجات وحجم وجزاء عن مدى مسؤوليته ، ولكل حادث حديث ؛ وفي قضيتنا الوطنية لا يسعنا إلا التذكير بأن أقاليمنا الجنوبية بالصحراء المغربية ؛ مغربية حقا ؛ بغض النظر عن طبيعة النظام وتميز مقاربة الدولة المغربية ومنهجية تدبير المسألة والعلاقة مع الساكنة منذ ما قبل مؤتمر برلين وكذا مؤتمر الحزيرة الخضراء سنة 1906 ؛ وعقد الحماية الفرنسية 30 مارس 1912 ومعاهدة الحماية الإسبانية لسابع أبريل ، ووقائع الإستعمار الفعلي للأراضي المغربية من طنجة إلى موريطانيا جنوبا ومن ساحل المحيط الأطلسي إلى الصحراء الشرقية ؛ وإن ما تراكم وما صاحب هذا التاريخ من مقاومات وحركة تحرير ، المسلحة منها والسياسية والفكرية ؛ بقيادات محلية ووطنية ، تجسدت في أعضاء المقاومة وجيش التحرير المغربي والذي تعرض للتصفية والحل بعد إستقلال الشمال والوسط المغربيين والتراب الذي صار موريطانيا لاحقا ، وكذا الحركة الوطنية ، والتي واصل مناضلوها النضال من أجل استكمال تحرير بقية الثغور وعلى الخصوص ما كان يسمى بالصحراء الإسبانية ، وقبلها مدينتي سيدي إيفني وطرفاية . وللتذكير ؛ فالمغرب رسميا طرح القضية لدى اللجنة الرابعة المكلفة بتصفية الإستعمار سنة 1963 ؛ ورغم إختلاف مقاربة النظام المغربي ، على عهد سنوات الرصاص ؛ مع مقاربة الحركة التقدمية المغربية ؛ فإن قضية الصحراء المغربية ظلت قضية إجماع وطني ، اللهم ما شذ عن السياق بسبب موقف اتجاه داخل الحركة الماركسية اللينينية ، والتي دافعت عن ” حق ساكنة الصحراء في تقرير المصير ” ، وهو موقف تأسس على خلفية مذهبية ، تبناه الجناح ” المسلح ” داخل الحركة الإتحادية ولكن من زاوية اعتبار أن تشكل الصحراء بؤرة ثورية وقاعدة للإنطلاق من أجل استكمال تحرير الوطن المغربي كاملا ودمقرطة السلطة والحكم ! غير أن هذه الصيغة لتفعيل مطلب الحق في تقرير المصير ، لم تتجاوز خطاب النوايا وانقضت الفكرة في مهدها بإجهاض انتفاضة مارس 1973 وقبله حظر الإتحاد الوطني لطلبة المغرب واعتقال قياداته وأطره المنبثقين عن المؤتمر 15 ، إلى أن صدر قرار محكمة العدل الدولية ، فحصلت ترتيبات وتأثيث ومبادرات وطنية وإقليمية ، بدأت بإبرام إتفاقية مدريد 1975 ، وانسحاب المستعمر الإسباني من الصحراء ، ومنذئذ شرع في التدويل التدريجي للقضية ، وذلك على إثر انسحاب موريطانيا من إقليم وادي الذهب ، ثم حلول المغرب محلها ؛ وتوج التدويل رسميا بإقرار النظام المغربي وقبوله بإجراء استفتاء في المنطقة ، وهو موقف لم ينل موافقة قيادة الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ، وكان سببا في اعتقال المجموعة المؤثرة داخل المكتب السياسي ، وعلى الخصوص المقاومين والمؤسسين محمد منصور والحبيب الفرقاني ، إضافة إلى عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازغي . ومنذ التدويل دخل تعريف تقرير المصير حيز محاولة التفعيل ولكن هذه المرة وفق مفهوم وقاموس القانون الدولي ، ودون التطويل في بسط الوقائع والتطورات ؛ توافق القرار الدولي حول ضرورة التوصل إلى الحل السياسي والذي ” يمكن ” أن يكون مقترح الحكم الذاتي مدخلا له ؛ وبالمناسبة فقد تطور موقف الأحزاب الديموقراطية وتكيف مع التحولات الحاصلة نفسها ؛ وكذلك المنظمات المدنية والحقوقية والطلابية ، بما فيها مواقف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والتي لم تتجاوز سقف المطالبة ” بإيجاد حل ديموقراطي ” ؛ فرغم هيمنة تيار حزبي له موقف مخالف على القيادة واحتكار ” بالإنتخاب طبعا ” وعلى على الخريطة وحجم “الحلفاء ” ومكونات الجمعية ؛ فلم يسبق أن صدر موقف صريح ورسمي يدعو إلى تبني موقف تقرير مصير هكذا ” الشعب الصحراوي ” . ما عدا بعض التصريحات والشعارات التي ” يصدح ” بها بعض المختلفين ، وعلى الخصوص بعض المنحدرين من الأقاليم الصحراوية والذين كانوا من ضحايا الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ؛ على عهد سنوات الرصاص ؛ والذين قبلوا مقاربة ” الإنصاف والمصالحة ” في حدود الحقيقة والإعتراف .
من هنا فإن أي تقييم لتصريحات بعض الحقوقيين ينبغي أن يتم استنادا لهذه المعطيات دون السقوط في منطق الوشاية والتخوين أو التكفير بإسم الوطنية ؛ فللدولة وسائلها القانونية ، ، خاصة إذا علمنا بأن العقل الأمني درج على تدبير القضية الوطنية بإستحضار كافة الأبعاد الحقوقية والقانونية بما فيها وضعية ” الصحراويين ” الذي اختاروا التفكير في تقرير المصير بحلم ” الإنفصال ” مع فتح إمكانية الحوار وضمان شروط التعايش ضمن خيار ” الإتصال ” ؛ بدليل أن العديد من الحقوقيين والحقوقيات من أصول صحراوية يدافعون عن موقفهم سلميا وحضاريا وديموقراطيا ؛ وقد يتضامن معهم بعض الحقوقيين ، صراحة أو ضمنا ؛ هذا لا يهم ؛ لأن المهم هو نقد العنف ورفضه وإدانته ، مع ترك الصلاحية للمؤسسات القانونية والقضائية أن تسائل وتحاكم طبقا للقانون إن كان للمخالفة والجنوح محل ، ودورنا لن يتجاوز التنبيه والمحاسبة النقدية ؛ لأن خصوم ما تراكم من مكتسبات وحقوق يتربصون ،و قد يتذرعون بأي سبب من أجل الإجهاز على المنجز على علته وحجمه ؛ مع التأكيد على ضرورة احترام الإلتزامات والتعاقدات ؛ باعتبار أن العقد بمثابة قانون ، مع فصل الأدوار والقبعات ، وبالتمييز بين الفعل الحقوقي وكذا وسائله ؛ وبين العمل الحزبي ومقامه ؛ وبين الحقوقي والحزبي مساحة كبيرة وشاسعة تتفاعل فيها المقاربتين ؛ السياسية مع الأمنية ، كما تتصارع الحرية مع النظام العام ؛ وفي ذلك فليتنافس المواطنون ، مع الدولة ومؤسساتها ، عبر تعبيراتهم الحقوقية والحزبية ، مع احترام الصلاحيات والشرط الذاتي وتقدير الشرط الموضوعي بما فيه المشاعر والحساسيات والمشترك الوطني من حقوق والتزامات ولما السياقات و موقع المسؤولية وموازين القوة والقانون حتى . فليس من حقنا تقديس مواقفنا مقابل تبخيس قضايانا المصيرية ، وبنفس القدر لا يعقل أن نفرض أمرا واقعا غير مفكر فيه تشاركيا وبصفة عقلانية ، وليتحمل كل منا مسؤوليته التاريخية ولنتفادى جميعا تكرار الأعطاب والأخطاء ، وقبل أن نطالب بدمقرطة الحلول علينا أن نكون ديموقراطيين مع ذواتنا ومحيطنا بالتأهيل والإشراك !
مصطفى المنوزي

Exit mobile version