أسدلت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الرباط الستار على ملف الشاب “ط.م”، الذي سبق أن أدين بالمؤبد على خلفية جريمة قتل مروّعة راحت ضحيتها فتاة أجنبية، تم تقطيع جثتها والتخلص منها بأبشع الطرق.
القضية، التي عادت إلى الواجهة بعد أن أمرت محكمة النقض بإعادة النظر فيها، شهدت فصولًا طويلة من الترافع والمرافعة، وسط متابعة إعلامية وحقوقية واسعة. وبعد جلسات امتدت لأشهر، قررت المحكمة تخفيف الحكم من السجن المؤبد إلى 20 سنة سجنا نافذا، بعد الاطلاع على معطيات جديدة وشهادات تقنية أثارت شكوكا حول مسار التحقيق الأولي.
الوقائع تعود إلى بداية سنة 2023، حين اهتز الرأي العام على وقع جريمة بشعة. وحسب محاضر الضابطة القضائية، فإن الضحية تم استدراجها من إحدى الحانات بالرباط نحو منزل مهجور بسلا، حيث احتُجزت لعدة أيام قبل أن يتم قتلها وتقطيع جثتها. الجزء العلوي تم العثور عليه قرب منطقة “القواس”، بينما استُخدمت أكياس بلاستيكية للتخلص من الجزء السفلي بمساعدة شابين آخرين، أدينا بثلاث سنوات سجنا لكل منهما بتهمة المشاركة وعدم التبليغ.
طيلة أطوار المحاكمة، ظل المتهم الرئيس متمسكا ببراءته، مدعومًا بعائلته وهيئة دفاعه التي وصفت التحقيقات الأولية بـ”المعيبة”، مشيرة إلى “تجاوزات مهنية” ارتكبها بعض عناصر الضابطة القضائية، تم بناءً عليها اتخاذ قرارات تأديبية لاحقًا.
هيئة المحكمة، وبعد مراجعة التسجيلات التي توثق إعادة تمثيل الجريمة واستعراض نتائج الخبرة التقنية، قررت اعتماد رواية جديدة مبنية على معطيات علمية، واعتبرت أن الحكم الابتدائي لم يراعِ بعض الجوانب الإجرائية المهمة، ما استوجب إعادة التقدير وتخفيف العقوبة.
وبهذا الحكم، يُطوى فصل جديد من ملف شائك، طرح أكثر من سؤال حول عدالة المساطر، ودقة التحقيقات، وحدود المسؤولية الجنائية، في انتظار ما إذا كانت عائلة المتهم أو النيابة العامة ستتجه للطعن من جديد.