كشفت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، عدد المعتقلين على خلفية قضايا التطرف والإرهاب، والذين يبلغ عددهم إلى غاية 16 ماي الجاري، 842 سجينا ضمنهم سيدتين، يقبعون ب 14 سجنا، وأبرز العرض الذي قدمه مدير العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء وإعادة إدماجهم، ادريس أكلمام، في لقاء بالسجن المحلي سلا 2، حول “تدبير المعتقلين المتابعين في قضايا التطرف والإرهاب”، أن 91.1% من السجناء المتابعين في قضايا التطرف والإرهاب المعتقلين بالمغرب ينتمون للتيار الداعشي ما يمثل 767 سجينا، فيما يشكل سجناء السلفية الجهادية 75سجينا”.
وأوضحت المندوبية، أن 78 في المائة من المعتقلين المتابعين في قضايا التطرف والإرهاب، هم شباب تتراوح أعمارهم ما بين 20 و40 سنة، وأشارت إلى أن 370 سجينا تبلغ أعمارهم بين 20 و30 سنة، و287 سجينا بين 30 و40 سنة، و138 سجينا بين 40 و50 سنة، و38 سجينا بين 50 و60 سنة، فيما يوجد رهن الاعتقال 7 سجناء أعمارهم تفوق 60 سنة، وفيما يخص المستوى التعليمي للمعتقلين، فإن 58.91 % من المعتقلين مستواهم التعليمي ضعيف جدا، عند إيداعم في السجن، منهم 47 أمي، و209 أساسي، و240 إعدادي، و180 لهم مستوى ثانوي، و166 جامعي.
وأفادت المعطيات الإحصائية، أن 17 سجينا محكومون بالإعدام، بنسبة 3.62%، و23 بالمؤبد من بينهم 6 معتقلين على خلفية أحداث “أطلس إسني”، بنسبة 4.90 %، فيما يقضي 22 سجينا عقوبة سجنية تتراوح مدتها بين 20 و30 سنة، و85 سجينا محكومون بعقوبات تتراوح بين 10 و20 سنة، حيث يبلغ عدد السجناء المحكومين بعقوبة سجنية تتراوح بين 5 و10 سنوات، 172 سجينا بنسبة 36.67%، و137 سجينا تتراوح عقوبتهم بين سنتين و5 سنوات، و13 سجينا يقضون عقوبة سجنية أقل من سنتين، أما عن الحالة العائلية، فإن 475 سجينا هم عزاب، بنسبة 56،41%، و335 سجينا متزوج، بنسبة 39.79%، فيما يبلغ عدد السجناء المطلقين، 32 سجينا بنسبة 3.8%.، وأشار العرض، إلى أن نسبة الأجانب ومزدوجي الجنسية يبلغون 1،6 في المائة من مجموع سجناء التطرف والإرهاب الذين لا زالوا رهن الاعتقال، فيهم معتقلان لهم جنسية مغربية بلجيكية، ومعتقلان جنسيتهم مغربية فرنسية، وجزائريان، وتشادي، و3 لهم جنسية جزائرية فرنسية، وسويسري إسباني، وسوري، وعراقي، والباقي 828 مغربيا.
و أكدت شهادات لنزلاء سابقين اعتقلوا على خلفية التطرف والإرهاب أن المقاربة الإدماجية التي اعتمدتها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج تشكل أساسا لاكتساب المناعة ضد التطرف، و قال عبد الله اليوسفي، وهو نزيل سابق في قضية تتعلق بالإرهاب، في شهادة قدمها خلال اللقاء التواصلي الذي نظمته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج امس الجمعة بالسجن المحلي سلا إن برنامج مصالحة شكل مرحلة فارقة في حياته، وشدد اليوسفي على أن الدورات التكوينية في الجوانب النفسية والفكرية والحقوقية والقانونية، في اطار برنامج مصالحة أكسبته مناعة وحصانة ضد التطرف، وبالتالي نبذه مهما كان مصدره أو مستوى تأثيره، مسجلا أنه صحح مجموعة من الأفكار المغلوطة التي تبناها سابقا حول بلده ومؤسساته، وذلك بفضل المقاربة المتنورة لهذا البرنامج.
وأوضح أن هذا البرنامج ساعده على الانتقال من وضعية معقدة كان يعيشها إلى مرحلة جديدة، مشيرا إلى أنه منذ دخوله السجن وهو يستفيد من الادماج المستمر، وذلك من خلال مواصلة الدراسة، والاستفادة من التكوين المهني، والمشاركة في كافة الأنشطة والبرامج التي كانت تنظمها المندوبية، وأبرز أن السجن لم يكن فترة لسلب الحرية، بقدر ما كان فترة للوقوف مع النفس، ومحاسبتها ومراجعة الضمير، وجلد الذات برفق، مسجلا أن وجود مكتبة داخل السجن ساعده على مواصلة دراسته والحصول على شهادة الباكالوريا، فضلا عن اكتشاف ذاته والعالم بشكل أفضل من خلال القراءة والمطالعة، ولفت إلى أنه قبل دعوة الانضمام لبرنامج مصالحة بدون تردد، وبكل قناعة وراحة ضمير، مشددا على أن مشاركته المتميزة في هذا البرنامج جعلته يصر على مواصلتها رغم انتهاء مدة محكوميته، وخلص اليوسفي إلى أن كافة المؤسسات بالمغرب تقوم بجهود جبارة لمواجهة الأفكار المتطرفة، مسجلا أن المغرب لديه منهجا يحتذى به في هذه المقاربة التي تنهل من البعد الحقوقي والانساني والديني والفكري.
من جهته أكد محمد دمير، وهو أيضا نزيل سابق على خلفية قانون الإرهاب في شهادة مماثلة، أن البرامج التأهيلية للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج تساعد على الاندماج والانخراط الإيجابي في المجتمع بعد الافراج، ولفت إلى أنه خاض معارك نفسية صعبة بسبب الاعتقال على خلفية الإرهاب والتطرف، لكنه أوضح بالمقابل أن الأمر انقلب من “محنة” إلى “منحة”، وذلك بفضل المقاربة المتعددة الأبعاد لبرنامج مصالحة، لاسيما على المستوى النفسي.
وشدد على أن الأهم من الافراج عن المعتقل هو الانسجام مع الذات، والتوفق في مسار الحياة بأريحية وطمأنينة وسلام، مبرزا أن استقرار الحالة النفسية يبقى حجر الزاوية في تجاوز اللحظات الصعبة، وتم خلال هذا اللقاء التواصلي الذي عرف حضور المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، السيد محمد صالح التامك عرض فيلم مؤسساتي يعرض مجهودات المندوبية في مجال إعادة إدماج معتقلي التطرف والإرهاب، كما تم عرض مسرحية تتناول قضية ” الفكر المتطرف “، وذلك في اطار برنامج محاكمة من تشخيص مجموعة من المعتقلين على ذمة قضايا التطرف والإرهاب.
و أكد مدير مديرية العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء وإعادة ادماجهم بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج، مولاي إدريس اكلمام، اليوم الجمعة بسلا، أن المندوبية اعتمدت مقاربة خاصة بالتأهيل وإعادة الادماج في تدبير ملف معتقلي قضايا التطرف والإرهاب، وأوضح اكلمام، في عرض قدمه خلال لقاء تواصلي نظمته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج حول ” تدبير المعتقلين المتابعين في قضايا التطرف والإرهاب” بالسجن المحلي سلا، أن مقاربة إدماج نزلاء قضايا التطرف والإرهاب استمدت خصائصها من المقتضيات الدستورية والنصوص التشريعية والتنظيمية الوطنية، والمواثيق الدولية والإرادة السياسية.
وسجل المسؤول، خلال هذا اللقاء الذي حضره المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، أن البرامج التأهيلية المعتمدة في المؤسسات السجنية تتمثل في التعليم والتكوين ومحو الأمية، والكفايات، والأنشطة الرياضية والفنية والثقافية، والبرامج الخاصة، إضافة إلى برنامجي التثقيف بالنظير، وأضاف المسؤول أن برنامج التثقيف بالنظير الذي اعتمدته المندوبية العامة ضمن مشروع دعم اصلاح المنظومة السجنية من أجل إعادة ادماج اجتماعي جيد، بشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وحكومة اليابان، استفاد منه 47 ألف و959 نزيل، وبلغ عدد المثقفين النظراء المكونين 388.
وبخصوص برنامج مصالحة، أشار إلى أنه تمت بلورة منهجيته وتنفيذه بتعاون مع عدة شركاء وخبراء مختصين، مسجلا أنه يرتكز على ثلاث محاور أساسية وهي المصالحة مع الذات، والمصالحة مع النص الديني ثم المصالحة مع المجتمع، وأبر اكلمام أن برنامج مصالحة، والذي نظم على مدى 10 دورات، تم تنفيذه وفق الأبعاد المتعلقة بالتأهيل الديني، والتأهيل والمصاحبة النفسيتين، والتأهيل السوسيو اقتصادي، ولفت المتحدث ذاته إلى أن مؤشرات نجاح برامج الإدماج الخاصة بنزلاء التطرف والارهاب تتمثل في التجاوب الإيجابي لدى السجناء المستفيدين، وفهم واستيعاب النص الديني ومقاربة القيم المجتمعية الصحيحة، ومشاركة بعض السجناء المفرج عنهم في تأطير بعض الورشات التأهيلية لباقي السجناء، كما تتمثل هذه المؤشرات، بحسبه، في إنشاء مشاريع مدرة للدخل بمساهمة مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، والانخراط الإيجابي في النسيج المجتمعي، وقبول سجناء هذه الفئة للبرامج التأهيلية وتعبيرهم عن الانخراط فيها، واستفادة عدد من نزلاء قضايا التطرف والارهاب من العفو الملكي.