ما الذي كنا ننتظر من المنتخب الوطني في مباراته أمام راقصي السامبا؟ أن يهزموهم في طنجة وقد فعلوا، أن يغتنموا رياحهم بأجمل صورة وقد فعلوا، أن يكتبوا لنا أمام العالم كله ملحمة كروية جديدة وقد كتبوها، أن يظهروا المعدن الحقيقي للمغاربة وقد أظهروا بالفعل على أن المستحيل لم يكن يوماً مغربياً، ولن يكون أبداً هذا المستحيل مغربياً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
كل ما في ودية البرازيل جميل، فقد فتحت هذه المباراة مساراً جديداً يعقب المونديال الأسطوري بقطر، كما شكلت حلماً واحتفالية وفضاء لتقاسم العرفان والإمتنان بين أسود الأطلس وجماهيرهم الوفية التي تواجدت بكثرة بملعب طنجة.
وهي كذلك مباراة تُرافقها الكثير من الأسئلة التي هي من طبيعة الإرث الثقيل الذي خلفه كأس العالم، ومن جنس الضغط الرهيب الذي يقع على عاتق اللاعبين، لأنهم الآن لم يعودوا مُطالبين فقط بالفوز على المنتخبات المتوسطة، بل أصبح الفوز على بطل العالم خمس مرات، أمراً عادياً.
وليد، استقر على نفس التشكيل الذي لعب به أغلب مباريات المونديال، بل واستهل المباراة بذات الإستراتيجية، أن يطبق ذات المنظومة الدفاعية، ولكن أن يكون هذه المرة أكثر جرأة هجومياً، وقد ساعده على ذلك المساندة المميزة من الجماهير.
وإذا كان وليد قد فكر أولاً في تثبيت المنظومة الدفاعية، وبعدها في دفع عناصر الوسط إلى تنصيب جسور للإمداد، فإن المنتخب البرازيلي حاول الاعتماد على سرعة أجنحته لاختراق متاريس أسود الأطلس، ليس هذا فقط بل إن مدرب السامبا وجه لاعبيه لتطبيق الضغط العالي للحيلولة دون إخراج الكرة من مناطقه سليمة.
المنتخب المغربي، كعادته، أبان على شخصية المنتخب المونديالي، فلم يبالِ بأن الخصم الذي أمامه هو الفائز بكأس العالم خمس مرات.
كسر أصدقاء زياش كل القواعد، وسارعوا إلى ترشيح قاعدة واحدة مفادها أنهم كبار ولا يهابون أي منتخب، حتى ولو كان المنتخب الذي أمامهم هو البرازيل.
لاعبو المنتخب الوطني أطلقوا العنان للثنائيات، وسارعوا إلى خلق العديد من المحاولات الجدية، وفي الوقت الذي كانت فيه المباراة بحاجة لتدخلٍ عاجل من وليد، قام الناخب الوطني بإقحام عبدالصمد صابيري الذي سجل هدف الخلاص.
ومما لا شك فيه، أن ودية البرازيل أثبتت أن إنجاز المغرب التاريخي في المونديال لم يأتِ محض صدفة بل نتاج عمل مميز ومواهب فذة احتشدت معاً في منتخب لتقدم لنا فريقاً يهزم البرازيل دون أي مركبات نقص.
هذا منتخب لامس سماء المجد فصار هزم منتخب بحجم البرازيل في مباراة ودية مسألة عادية بالنسبة له.