أحيانا يكون وقع “الكذب” على المواطن أشد إيلاما من قول الحقيقة، لأن مصارحة المواطنين بما نحن عليه خلال مرحلة معينة، قد تكون عاملا مساعدا على تقبل شروطها وظروفها، لكن ممارسة التدليس والتلبيس قد تكون عاملا على الفوضى، التي لا يرغب فيها أحد لكن لا تحسب لها الحكومة و”تجمع المصالح الكبرى” حسابا، ورغم أن عزيز أخنوش اكتشف أن وعوده وأرقامه الفلكية التي قدمها خلال الحملة الانتخابية، يستحيل تنزيلها على أرض الواقع، ما زال مستمرا في مغالطة المواطن.
قد يجد رئيس الحكومة مخرجا لوعوده الانتخابية، التي لم يف بها، باعتبار أنه ليس وحده من يملك مفاتيح الحكومة، وأنه خضع لبرنامج التحالف الثلاثي، لكن أن يستمر بصفته رئيس الحكومة في إطلاق “لسانه” وبياناته لما يجوز ولا يجوز قوله، فهذا قمة العبث بمستقبل البلاد، وسيشعل النار التي وضع فوزي لقجع، الوزير المنتدب بدون تكليف، حطبها.
الشمس لا يمكن أن نغطيها بالغربال كما يقال. وارتفاع الأسعار لا يغطيه بيان الحكومة، الموقع من قبل وزارة الفلاحة والصيد البحري الوزارة الوحيدة التي لم يتم تغيير اسمها منذ سنوات، الذي يقول إن أسعار المواد الغذائية مستقرة أو منخفضة، لأن المواطن الذي يعيش يعرف أن عددا كبيرا من المواد الاستهلاكية ارتفعت أثمانها وسوق الخضر مشتعلة.
الحكومة تربط ذلك بارتفاع الأسعار دوليا أو أن بعض المواد تعتمد في صناعتها على مواد أولية مستوردة، وهذه مغالطة كبيرة، لأن العديد من المواد التي ارتفعت أثمنتها جاءت نتيجة قرارات الحكومة المتسرعة، ناهيك عن الارتفاع المهول في أسعار المحروقات. وكما قيل “من فمو شدو”، الحكومة تقول إن أسعار المحروقات دوليا مرتفعة وها هي الآن تنخفض بشكل فجائي بعد قرار الصين الإفراج عن مخزونها الضخم من النفط والغاز.
الطريقة التي يتعامل بها عزيز أخنوش مع المواطنين المغاربة وكأنه ما زال في حملة انتخابية، وحتى الحملة من المفروض أن يتحلى فيها الحزب السياسي بالحد الأدنى من المعقولية وكما يقال “غير طالقها”، بمعنى يمكن للرجل أن يقول أي شيء وكأنه متأكد من نفسه أنه بسرعة سيتخلى عما قاله دون حسيب ولا رقيب.
كثرة المغالطات تُسقط الحكومة في التناقضات، التي ستؤثر على مقياس الثقة بين المواطن والسياسي، التي هي أصلا في انحدار وتحتاج إلى من يرفعها إلى الأعلى، لكن ممارسات الحكومة الحالية غير مبشرة بالخير.
هل يعتقد أخنوش أن بيانا لوزارة الفلاحة سيغطي على الحقيقة؟ كيف صدر البيان والوزير مرافق لرئيس الحكومة في غلاسكو في قمة المناخ؟ وما دوره هناك؟ ألأن أخنوش لا يستطيع التخلي عن كاتبه العام السابق؟ أم إن أخنوش ما زال يتصرف معه ككاتب عام؟
هناك ورطة تعيشها الحكومة في كافة المجالات بدأت من أسماء الوزراء “من الخيمة خرج مايل” ومرورا بتصرفات وسلوكات كلها تعمل على تأجيج الوضع.