ارتفعت دعوات مسؤولي العدالة في المغرب، على ترشيد الإعتقال الاحتياطي وضرورة مساهمة التشريع في خلق بدائل للاعتقال الاحتياطي عبر تنزيل العقوبات البديلة، حيث نظمت رئاسة النيابة العامة دورات تكوينية تهم قضية ترشيد الإعتقال الاحتياطي فيما تكشف مندوبية السجون عن ارتفاع كثافة السجناء داخل المؤسسات السجنية، قبل أن تقرر الحكومة سحب مشروع مجموعة القانون الجنائي من السلطة التشريعية بدعوى اعادة صياغته، امام الحاجة لتنزيل لمقتضيات جديدة تساهم في تفعيل العقوبات البديلة لمواجهة ظاهرة المعتقلين إحتياطيا.
و كشف محمد صالح التامك المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن وتيرة تدفق المعتقلين على المؤسسات السجنية عادت إلى طبيعتها السابقة ليبلغ عددهم في متم شهر أكتوبر من السنة الجارية ما مجموعه 89.711 سجينا وذلك مقابل 84.990 في متم دجنبر من سنة 2020.
وشدد التامك على أن الأمل يبقى معقودا على برمجة بناء سجون جديدة، لمواكبة ارتفاع عدد السجناء والتصدي لظاهرة الاكتظاظ، علما أن هذا التوجه، لا يشكل حلا حصريا ودائما بالنظر إلى النتائج المنتظر تحقيقها بعد استكمال الجهود المبذولة في إطار ورش إصلاح العدالة وترشيد الاعتقال واعتماد العقوبات البديلة.
وأبرز أن مشروع القانون المالي برسم سنة 2022، منح للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج اعتمادات التسيير قدرها 866.433.000 درهما، كما أعاد تخصيص 160.700.000 درهما كاعتمادات أداء على مستوى ميزانية الاستثمار بعدما تم تقليصها برسم سنة 2021 بنسبة 37% عقب تداعيات جائحة كورونا.
وأكد لحسن الداكي رئيس النيابة العام، قال أن ” ترشيد الاعتقال الاحتياطي يعتبر محوراً مركزياً في تنفيذ السياسة الجنائية، ويجد مكانه دائما في الاجتماعات واللقاءات التي تعنى بالعدالة الجنائية، وهذا أمر طبيعي إذا ما استحضرنا أن الاعتقال الاحتياطي يمس الفرد في أحد حقوقه الأساسية التي كرستها المواثيق الدولية والكتب السماوية ألا وهو الحق في الحرية، كما أنه يشكل مرآة حقيقية لمدى احترام قواعد وشروط المحاكمة العادلة وتفعيل قرينة البراءة التي تعتبر حجر الزاوية في الأنظمة القضائية الحالية، فأي إفراط أو سوء تقدير في الاعتقال الاحتياطي، معناه انتهاك لحرية الإنسان وهدم لقرينة البراءة.
وأضاف خلال ندوة لترشيد الإعتقال الاحتياطي، لذا أكدنا مرارا لقضاة النيابة العامة أن تحريك الدعوى العمومية في حالة اعتقال يجب إعماله في الأحوال الاستثنائية التي تكون فيها حقوق أخرى قد تم المساس بها بشكل صارخ من طرف المشتبه فيه، فلابد من توفر المبررات القانونية المحددة في المواد 47 و73 و74 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تتمثل في حالة التلبس وخطورة الفعل الجرمي وانعدام ضمانات الحضور، وتوفر دلائل قوية على ارتكاب المشتبه به للجريمة، ومدى تأثير هذه الأخيرة على حقوق الغير أو على النظام والأمن العام.
ورغم المكانة التي حضي بها موضوع الاعتقال الاحتياطي ضمن أولويات السياسة الجنائية إلا أن أداء الفاعلين في حقل العدالة الجنائية لا زال يثير الكثير من الانتقاد، خاصة وأن نسبته ما فتئت ترتفع بشكل مضطرد ليصل في نهاية شهر شتنبر 2021 إلى حوالي 45 ⁒..
وأكد الداكي، أنه إذا كانت جهود رئاسة النيابة العامة في البداية أعطت نتائج طيبة عكستها الأرقام المسجلة في معدلات الاعتقال الاحتياطي حيث انخفضت إلى 37⁒ في متم شهر مارس 2019، إلا أن الآثار السلبية التي أفرزها انتشار وباء كوفيد 19 على سير العدالة عموما، وعلى تدبير جلسات المعتقلين الاحتياطيين على وجه الخصوص، انعكست بشكل ملحوظ على نتائج السنوات الماضية، الأمر الذي يقتضي منا جميعا، قضاة الحكم والتحقيق والنيابة العامة، أن نضاعف الجهود سواء عبر ترشيد اللجوء إلى الاعتقال عند تحريك المتابعات، أو من خلال الرفع من نجاعة الأداء عند البت في قضايا المعتقلين.