في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً على رغبة الجزائر في طي صفحة التوتر مع إسبانيا، حل رئيس الحكومة الجزائرية نذير العرباوي بمدينة إشبيلية الإسبانية، يوم الأحد 29 يونيو، لتمثيل الرئيس عبد المجيد تبون في المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية.
وتعد هذه الزيارة أول مشاركة رسمية رفيعة لمسؤول جزائري بإسبانيا منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين البلدين سنة 2022، على خلفية دعم مدريد للمقترح المغربي للحكم الذاتي بالصحراء المغربية.
مؤتمر دولي في سياق سياسي حساس
ورغم أن زيارة العرباوي تندرج في إطار مؤتمر دولي تنظمه الأمم المتحدة ويشارك فيه نحو 70 رئيس دولة وحكومة، إلا أن دلالتها السياسية لم تغب عن المراقبين، لا سيما وأنها تأتي بعد مرحلة من شبه القطيعة بين الجزائر ومدريد دامت أكثر من عامين.
ففي مارس 2022، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز دعم بلاده الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، معتبراً إياها “الحل الأكثر جدية وواقعية ومصداقية”، وهو ما أثار غضب الجزائر التي سارعت إلى سحب سفيرها، وتعليق اتفاقية الصداقة والتعاون، وفرض قيود اقتصادية صارمة على التجارة الثنائية.
محاولات التهدئة بعد سلسلة من التوترات
بدأت بوادر التهدئة تظهر تدريجياً منذ أواخر 2023، حيث التقى وزيرا خارجية البلدين بجوهانسبورغ في فبراير الماضي في أول تواصل رسمي منذ بداية الأزمة، ثم أعادت الجزائر سفيرها إلى مدريد في نوفمبر 2024، وأصدر البنك المركزي الجزائري تعميماً يسمح بعودة المبادلات التجارية مع إسبانيا.
غير أن الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة الإسبانية إلى المغرب أعادت التوتر إلى الواجهة، بعدما فسرت في الجزائر على أنها تجديد للانحياز الإسباني لموقف الرباط من قضية الصحراء المغربية. لكن رغم ذلك، فضلت الجزائر هذه المرة خيار “ضبط النفس”، ولم تُقدم على خطوات تصعيدية جديدة، مما يُعزز فرضية وجود إرادة لدى الطرفين في ترميم العلاقات دون التخلي عن المواقف المبدئية.