سطر جلالة الملك محمد السادس، خارطة طريق عمل الحكومة، خلال الدخول السياسي المقبل، وحدد جلالته الأوليات في خطابي العرش و ثورة الملك و الشعب، حيث رسم جلالة الملك للحكومة معالم العمل الحكومي المقبل وألوياته في تنزيل وتفعيل مجموعة من الدعوات الملكية للإصلاح والتنمية، حيث أكد عمر الشرقاوي الأستاذ الجامعي بجامعة الحسن الثاني، أن ما ورد بالخطابين الملكيين الأخيرين، فقد وضع جلالة الملك على أجندة الحكومة والبرلمان خمس أولويات تشريعية وتنفيذية لسنة 2023، في انتظار توجيهات خطاب افتتاح البرلمان في شهر أكتوبر وهي إصلاح مدونة الأسرة وتعزيز حقوق المرأة و اصلاح المنظومة القانونية والمؤسساتية المتعلقة بالجالية و تعزيز حكامة الاستثمار وتشجيع جلبه ومحاربة معرقليه و تعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات والمخاطر الخارجية و اخراج السجل الاجتماعي باعتباره الآلية الأساسية لمنح الدعم المباشر للأسر الفقيرة.
و ينعقد، الخميس المقبل، مجلس للحكومة ، حيث ذكر بلاغ لرئاسة الحكومة أن المجلس سيتدارس، في بدايته، ثلاثة مشاريع مراسيم، يتعلق الأول منها بتتميم المرسوم الصادر في شأن تحديد اختصاص المؤسسات الجامعية وأسلاك الدراسات العليا وكذا الشهادات الوطنية المطابقة، والثاني في شأن وقاية الأجراء المعرضين لغبار الحرير الصخري، والثالث بتغيير وتتميم المرسوم المتعلق بحماية العمال ضد المخاطر الناجمة عن البنزين والمواد التي تفوق فيها نسبة البنزين 1 بالمائة من الحجم، وأضاف البلاغ أن المجلس سيختم أشغاله بدراسة مقترحات تعيين في مناصب عليا طبقا لأحكام الفصل 92 من الدستور، مبرزا أن الحكومة ستعقد، بعد انتهاء أشغال المجلس الحكومي، اجتماعا خاصا لدراسة بعض مقترحات القوانين.
وواجه المغرب أعلى معدل تضخم منذ تسعينيات القرن الماضي، بشكل يطرح تحديات على بنك المغرب والحكومة لتخفيف التأثير السلبي على القدرة الشرائية للمواطنين، و بدأ معدل التضخم الارتفاع مع الحرب الروسية الأوكرانية، وفي نهاية يوليوز المنصرم ارتفع بـ7.7%، على أساسٍ سنوي، مدفوعاً بزيادة أسعار المواد الغذائية بـ 12%، وتكلفة النقل بـ18%، وبالعودة إلى معطيات المندوبية السامية للتخطيط، فإن التضخم في المغرب سجّل 7.2% في شهر يونيو، و5.9% في كل من شهر ماي وأبريل، ولا يستبعد أن يصل إلى مستويات أكثر في الأشهر المقبلة.
و شدد جلالة الملك محمد السادس، مساء السبت، على أن الوقت حان لتحديث وتأهيل الإطار المؤسسي، الخاص بمغاربة العالم، داعيا إلى إعادة النظر في نموذج الحكامة، الخاص بالمؤسسات الموجودة، قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها، وجاءت الدعوة الملكية لتحديث مؤسسات تعنى بالجالية المغربية في أرجاء العالم، كتنبيه لعطالة مؤسسات يصرف عليها من المال العام، و على رأسها مؤسسة مجلس الجالية المغربية المقيمين بالخارج، و التي تعيش شبه عطالة بعدما توارى رئيسها المعين ادريس الأزمي و تكلف عبد الله بوصوف الأمين العام بالمجلس بتسيير شؤون المجلس و الاكتفاء بندوات ثقافية وإصدار مقالات تنشر في منابر تربطها علاقات شراكة مدفوعة الأجر مع المجلس.
و دعا جلالة الملك محمد السادس، إلى إحداث آلية خاصة، مهمتها مواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج، ودعم مبادراتها ومشاريعها، مشددا على ضرورة إقامة علاقة هيكلية دائمة، مع الكفاءات المغربية بالخارج، بما في ذلك المغاربة اليهود، وأكد جلالة الملك في خطاب الذكرى الـ69 لثورة الملك والشعب، أن هذه الآلية ستمكن من التعرف على الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج، و”التواصل معها باستمرار، وتعريفها بمؤهلات وطنها، بما في ذلك دينامية التنمية والاستثمار”.
و جدد جلالة الملك الدعوة للشباب وحاملي المشاريع المغاربة، المقيمين بالخارج، للاستفادة من فرص الاستثمار الكثيرة بأرض الوطن، ومن التحفيزات والضمانات التي يمنحها ميثاق الاستثمار الجديد، ولهذه الغاية، دعا جلالته المؤسسات العمومية، وقطاع المال والأعمال الوطني، إلى الانفتاح على المستثمرين من أبناء الجالية، وذلك باعتماد آليات فعالة من الاحتضان والمواكبة والشراكة، بما يعود بالنفع على الجميع.
و دعا صاحب الجلالة إلى تحديث وتأهيل الإطار المؤسسي، الخاص بهذه الفئة من المواطنين، وإعادة النظر في نموذج الحكامة، الخاص بالمؤسسات الموجودة، قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها، وبعدما ذكر بالاهتمام الخاص الذي يوليه جلالته لإشراك الجالية في مسار التنمية، أكد جلالة الملك أن المغرب “يحتاج اليوم، لكل أبنائه، ولكل الكفاءات والخبرات المقيمة بالخارج، سواء بالعمل والاستقرار بالمغرب، أو عبر مختلف أنواع الشراكة، والمساهمة انطلاقا من بلدان الإقامة”.
وأبرز صاحب الجلالة في خطابه أن الجالية المغربية بالخارج، معروفة بتوفرها على كفاءات عالمية، في مختلف المجالات، العلمية والاقتصادية والسياسية، والثقافية والرياضية وغيرها، مؤكدا جلالته أن “هذا مبعث فخر للمغرب والمغاربة جميعا”، وبعدما سلط صاحب الجلالة الضوء على المجهودات الكبيرة التي تقوم بها الدولة، لضمان حسن استقبال مغاربة العالم، اعتبر جلالة الملك أن ذلك “لا يكفي”.
وقال جلالة الملك في هذا الصدد ” العديد منهم، مع الأسف، ما زالوا يواجهون العديد من العراقيل والصعوبات، لقضاء أغراضهم الإدارية، أو إطلاق مشاريعهم. وهو ما يتعين معالجته”، مشيرا إلى أن الوقت قد حان لتمكينها، “من المواكبة الضرورية، والظروف والإمكانات، لتعطي أفضل ما لديها، لصالح البلاد وتنميتها”.
وأبرز صاحب الجلالة أن المغرب يملك جالية تقدر بحوالي خمسة ملايين، إضافة إلى مئات الآلاف من اليهود المغاربة بالخارج، في كل أنحاء العالم، موضحا جلالته أن مغاربة العالم يشكلون حالة خاصة في هذا المجال، نظرا لارتباطهم القوي بالوطن، وتعلقهم بمقدساته، وحرصهم على خدمة مصالحه العليا، رغم المشاكل والصعوبات التي تواجههم، وأشاد جلالة الملك في الأخير بأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذين يبذلون كل الجهود للدفاع عن الوحدة الترابية، من مختلف المنابر والمواقع، التي يتواجدون بها.
وحمل خطاب ثورة الملك و الشعب رسائل جلالة الملك لـ 5 ملايين مهاجر مغربي، والتي رصدها عمر الشرقاوي الاستاذ الجامعي بجامعة الحسن الثاني، معتبرا حسب قراءته للخطاب، أن الدولة قامت بمجهودات كبيرة في ملف الجالية لكن ما تحقق غير كاف ويحتاج لمجهود إضافي، و مطالبة الحكومة بتعديلات تهم الحكومة في تدبير ملف الجالية، لا سيما على المستوى التشريعي والمؤسساتي، كما ينبغي لاصلاح الإطار التشريعي، والسياسات العمومية والمساطر الإدارية ، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الجالية وتتناسب مع ظروفهم، و ضرورة إقامة علاقة هيكلية دائمة، مع الكفاءات المغربية بالخارج، بما في ذلك المغاربة اليهود، و إحداث آلية خاصة، مهمتها مواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج، ودعم مبادراتها ومشاريعها، و تيسير البيئة المناسبة للجالية للاستفادة من فرص الاستثمار الكثيرة بأرض الوطن، ومن التحفيزات والضمانات التي يمنحها ميثاق الاستثمار الجديد .