سحبت وزارة الإقتصاد و المالية الحوار الإجتماعي من رئاسة الحكومة، في نوع من تنفيذ التكليف الحكومي بجعل الحوار الاجتماعي ضيق على مستوى القطاعات الحكومية و التنصل من مسؤولية الجلوس مع النقابات و التفاوض بشكل عام على حقوق الموظفين والعمال والطبقات الكادحة.
و دعت نادية العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية،الى مأسسة الحوار الاجتماعي بين الوزارة و النقابات، وجاءت دعوة الوزيرة في مذكرة وجهتها إلى المدراء والمدراء العامين للوزارة، تطالب بتتبع الحوار القطاعي مع النقابات الأكثر تمثيلا ، وجاءت الدعوة بعد توقف الحوار الاجتماعي بين رئاسة الحكومة و النقابات، و أمام غياب جواب حكومي على مطالب النقابات بالزيادة في الأجور و تخفيض الأسعار و معالجة ملف التقاعد .
و أدخل التعنت الحكومي و رفض المطالب النقابية بالزيادة في الأجور ومحاربة ارتفاع الأسعار الحوار الاجتماعي الى “البلوكاج” من جديد، بعد غياب دعوة من رئاسة الحكومة تحدد الجلسات الثانية بعد جلسات أولى للاستماع لم تخرج معها الحكومة و النقابات بموعد محدد، ومن بين المؤشرات على دخول الحوار الى “البلوكاج”، رفض النقابات الإصرار الحكومي برفع سن التقاعد الى 65 و مطالبة الأجراء بالزيادة في واجبات الإنخراط في صناديق التقاعد لإنقاذها من الإفلاس.
وتنتظر النقابات مواقف الحكومة بخصوص المطالب النقابية، و رؤيتها في مأسسة الحوار ، بعدما طالبت النقابات خلال الحوار الاجتماعي، بالزيادة في الأجور وعدم ضرب القدرة الشرائية للمغاربة و إصلاح ملف صناديق التقاعد، ومراقبة تفشي إرتفاع أسعار المواد الغذائية وأسعار المحروقات، حيث تنذر المطالب بفشل يتوقف الحوار الإجتماعي، نتيجة تمسك الحكومة بموقفها ورؤيتها في ارتباط ارتفاع الأسعار بالوضع الدولي.
و تخيم الحرب بين روسيا و أوكرانيا على الحوار الاجتماعي، بعد تأثير الأزمة على ثلث الامدادات العالمية من القمح وارتفاع سعر النفط مما يتجه بأسعار المحروقات الى التفاقم في المغرب وعدم استجابة الحكومة لمطالب النقابات.
و دخلت النقابات و الحكومة و “الباطرونا” مرحلة جديدة، بالجلوس على طاولة الحوار للتفاوض على السبل الكفيلة للخروج من الأزمة الاجتماعية و الاقتصادية، بعدما تنازلت الحكومة ودخلت الى جلسات الحوار الاجتماعي.
ووضعت المركزيات النقابية، مجموعة من الملفات العالقة على طاولة الحوار، منها قضية الأجور والتقاعد والحريات النقابية، ومشروع قانون الإضراب والنقابات، وذلك بحسب مصادر نقابية من داخل الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، و موجة الغلاء الغير المسبوقة، و أسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساسية.
وكان الاتحاد المغربي للشغل، دعا الحكومة الى إيجاد الإجراءات الكفيلة لوضع حد لالتهاب الأسعار التي باتت الطبقة العاملة والفئات الشعبية تكتوي بنارها، حيث سجلت العديد من المواد الاستهلاكية كالمحروقات والزيوت والعجائن مثلا وغيرها من المواد الاستهلاكية والخدمات العمومية ارتفاعا مهولا فالحكومة مطالبة بمحاربة المضاربين، وتحديد أثمنة بيع المنتجات الأساسية وفقا للضوابط القانونية، كما أن الحكومة مطالبة بالتدخل عبر التخفيض الضريبي للمواد الاستهلاكية وتسقيف هوامش الربح في مجموعة من القطاعات والرجوع إلى تحمل جزء من تكاليف الفاتورة الطاقية.
وطالبت النقابة بالزيادة العامة في الأجور في القطاع الصناعي والتجاري والفلاحي والقطاع العمومي والشبه العمومي والزيادة في معاشات التقاعد من أجل عيش لائق للمتقاعد، و الرفع من الحد الأدنى للأجور وتوحيده في جميع القطاعات، و تخفيض الضغط الضريبي على الدخل من خلال مراجعة الأشطر والرفع من الشطر المعفى في إطار إرساء سياسة جبائية عادلة، و الإعفاء الضريبي لواجبات تمدرس أطفال العمال والموظفين (على غرار الإعفاء الضريبي للسكن الرئيسي)، مع تحديد سقف المبلغ السنوي عن كل طفل، و رفع الحد الأدنى للمعاشات ب 30% وإعفائها من الضريبة على الدخل، و تطبيق السلم المتحرك للأسعار والأجور والمعاشات، و إلغاء الضريبة على مدخرات صناديق التقاعد وودائع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الصندوق المهني المغربي للتقاعد، النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق المغربي للتقاعد، و إرساء التمثيلية النقابية داخل المجالس الإدارية للمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية بكل من الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، الصندوق المهني المغربي للتقاعد، والصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد وغيرها، و إصدار قانون حول التكوين المستمر وسن عطلة التكوين لفائدة العمال والموظفين.
وطالت النقابة بالتنصيص على مأسسة مبدأ المساواة بين الجنسين في التشريعات المرتبطة بالوظيفة العمومية وبمدونة الشغل، وإرساء منظومة قانونية وطنية لحماية المرأة من العنف والتحرش في أماكن العمل، لا سيما عبر التسريع بالتصديق على الاتفاقية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل؛ و إعفاء المتقاعدين والمسنين من ذوي المعاشات الدنيا من أداء واجبات التنقل والعلاج وسن سياسة خدمات صحية واجتماعية لفائدتهم، و ضمان احترام شركات المناولة لدفاتر التحملات التي تجمعها بالمؤسسات والإدارات العمومية والمقاولات، وخصوصا ما يتعلق بمقتضيات مدونة الشغل والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملات والعمال.