في ختام أولمبياد باريس 2024، يجد المغرب نفسه في مواجهة نتائج متواضعة بعد أن شارك بـ60 رياضياً في 19 نوعاً من الرياضات، مُحققاً فقط ميداليتين، هما ذهبية سفيان البقالي في 3 آلاف متر موانع وبرونزية منتخب كرة القدم الأولمبي.
هذه الحصيلة، التي اعتبرتها البطلة الأولمبية السابقة نزهة بدوان “سلبية وكارثية” باستثناء الإنجازات الفردية، تثير تساؤلات عميقة حول واقع الرياضة المغربية ومستقبلها.
رغم القيمة العالية التي يمثلها سفيان البقالي كأحد الأبطال العالميين، إلا أن الإنجاز الفردي لم يكن كافياً لتعويض ضعف الأداء العام.
برونزية منتخب كرة القدم، الذي كان يعتبر مرشحاً قوياً للذهب، لا تساهم في تعديل الصورة العامة. هذه النتائج تؤشر على خلل كبير في المنظومة الرياضية المغربية، التي يبدو أنها لم تواكب تطورات المنافسة العالمية.
إدريس عبيس، الإطار الوطني، اعتبر أن النتائج تعكس “تحصيل حاصل” لتخبط الرياضات الأولمبية خلال السنة الماضية، مُشيراً إلى أن تجربة أولمبياد باريس توفر أرقاماً ومؤشرات ملموسة لتقييم مدى تطور الرياضة المغربية منذ الرسالة الملكية المؤطرة لعام 2008.
هذا التقييم يجب أن يشمل كافة جوانب المنظومة الرياضية، بما في ذلك الاستراتيجيات والتدبير والعناصر التقنية.
المنظومة الرياضية المغربية تواجه عدة إشكاليات تتطلب حلولاً فورية. أولاً، يحتاج القطاع إلى تقييم دقيق لبرامج الإعداد الأولمبي خلال الفترة بين أولمبياد طوكيو وباريس، وتحديد ما إذا كانت الاستعدادات تواكب المعايير العالمية. ثانياً، يجب تحسين هيكلة الرياضة من خلال إحداث قطاع رياضي مستقل ضمن الهيكلة الحكومية، مع التركيز على تطوير سياسات تتسم بالشفافية والفعالية.
الخبراء يوصون بإنشاء مختبر علمي أولمبي يساهم في تأهيل الكوادر الرياضية وتطوير استراتيجيات تدريبية مبتكرة. يجب أن يكون هناك أيضاً مراجعة دقيقة للمنظومة التقنية والفنية، مع الاهتمام بتدريب المدربين وتحديث أساليب التدريب.
للتحقيق في طموحات الرياضة المغربية، يتعين على المسؤولين صياغة مشروع شامل لإعداد البطل الأولمبي، يركز على تطوير الرياضة المدرسية والجامعية، ويضمن تكامل الجهود على الصعيدين الوطني والدولي. هذا المشروع يجب أن يضع الرياضة كأولوية استراتيجية، مع تعزيز الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة.
في نهاية المطاف، تُظهر حصيلة أولمبياد باريس 2024 أن المغرب بحاجة إلى إعادة تقييم شامل لمنظومته الرياضية، من أجل تصحيح المسار وتحقيق نتائج إيجابية في الدورات القادمة.
يجب أن يكون هناك التزام حقيقي من كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والجامعات الرياضية، لضمان تحقيق الأهداف الطموحة في المستقبل.